من تَصاريف الحياة أن الجزاء يكون دائما من جنس العمل، وأن الظلم والاستبداد مهما استمرا إلا وينتهيان يوما بإدانة الظالم من جنس ظلمه، وهو بالضبط ما يحدث اليوم مع صانع محتوى الابتزاز على اليوتوب المعروف بهشام جيراندو.
فقد عربد هشام جيراندو لسنوات من خلال قنواته على مواقع التواصل الاجتماعي، ومارس من خلالها أبشع أنواع الابتزاز والافتراء التي طالت نيرانها العشوائية ضحاياه من المواطنين والموظفين العموميين والشخصيات الوطنية والأجنبية، مع فارق كبير بينهم، وهو أن البعض منهم استسلم وأذعن لسلاح التشهير ودفع مقابل الابتزاز، فيما رفض البعض الآخر الخضوع لمساوماته وواجهه بسلاح القانون والقضاء.
ولأن لكل بداية نهاية، فقد حانت أخيرا لحظة الحقيقة والحساب وسقوط الأقنعة عن صاحب لازمة "تحية للشعب"، حيث توالت عليه النكسات والنكبات القانونية بدءًا بتفكيك شبكة الدعم الخلفي التي شاركته في عمليات الابتزاز وجمع الإتاوات داخل المغرب، ومرورا بتعاظم المتابعات القضائية في حقه بدولة هروبه بكندا، والتي هددت بإدخاله في مسار عسير من العقاب القضائي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
فبسبب تواتر القضايا التي يواجهها هشام جيراندو فوق التراب الكندي، وجد هذا الأخير نفسه مؤخرا محاصرا في الزاوية من قبل القضاء الكندي الذي يبدو أنه استنفد جميع الأعذار وتأكد أن ما يقوم به جيراندو هو فعلا عمليات ابتزاز وبلطجة افتراضية مكتملة الأركان ولا علاقة له بحرية التعبير، حيث تؤكد المعطيات المتوفرة أن جيراندو يقف اليوم أما لحظات حساب عسيرة عن مجمل أعماله الإجرامية.
ومن سخرية الأقدار أن هشام جيراندو يشرب اليوم من نفس الكأس، وبنفس الأسلوب المنحط الذي طالما استعمله في المس بالحياة الشخصية لضحاياه، واستهداف أفراد أسرهم ومحيطهم المجتمعي بالتشهير والافتراء، مع فارق مهم، وهو أن جيراندو ورط أفراد أسرته وأقاربه بشكل فعلي في نشاطه الإجرامي.
فبعد أن ورط شقيقته وزوجها وأبنائهما في عمليات الابتزاز وتحصيل المال من ضحاياه داخل المغرب، من خلال تسخيرهم عن علم أو جهل في توفير الوسائل التقنية والحسابات الهاتفية الوهمية التي استعملها في نشاطه الإجرامي، وجعلهم يقفون أمام القضاء المغربي، تهدد لعنة جيراندو هذه المرة بإدخال زوجته المقيمة بكندا في مُساءلة قانونية وقضائية صارمة بخصوص أنشطة زوجها الإجرامية.
فقد تناقلت مصادر إعلامية أن هشام جيراندو يسارع الأيام من أجل التخلص من مجمل ممتلكاته في كندا قبل أن تطالها المتابعات القضائية الجارية في حقه، سواء من خلال تصريفها أو تحويل ملكيتها إلى زوجته، ومن بينها منزله الخاص الذي قام بتفويته إلى زوجته بمقابل دولار رمزي، في محاولة يائسة وأخيرة لتفادي أداء ثمن عربدته على شبكات التواصل الاجتماعي.
والمثير في هذا المعطى أن هشام جيراندو حتى وهو يحاول الفرار المادي والمعنوي من المتابعات القضائية، فهو مصر على أن تطال لعنة أفعاله محيطه الأسري من خلال توريط زوجته في أنشطته الإجرامية، فهذه الأخيرة لابد وأنها تعلم مصدر أموال زوجها المتأتية من نشاطه في ممارسة الابتزاز، وبقبولها تحصيل جزء من هذه الأموال، أو كلها، فهي بذلك تسقط في فخ إخفاء أموال متحصلة من أنشطة إجرامية.
والأكثر من ذلك، فأن يتخلص هشام جيراندو من ممتلكاته العينية والعقارية في كندا ويحولها إلى سيولة مالية بعد أن ينقل ملكيتها إلى زوجته، قد يكون مؤشرا حقيقيا على أن هذا النصاب يستعد للقفز من سفينة شبكته الإجرامية والفرار إلى خارج كندا، كما أنه مؤشر على نفس أسلوبه الإجرامي الأناني المتمثل في توريط أفراد أسرته في نشاطاته المشبوهة، والذي يتكرر هذه المرة مع زوجته، التي ستجد نفسها مطالبة بالوقوف مكانه أمام القانون وأداء ثمن أفعال إجرامية.
لقد أثبت هشام جيراندو بأفعاله وأساليبه في توريط الآخرين أنه ليس فقط مجرما يمارس الابتزاز والنصب والاحتيال، بل هو أناني عديم المروءة. فأن تورط شقيقتك وأبنائها وزوجها وزوجتك في نشاطات إجرامية قد تقودهم للسجن في أية لحظة، هي قمة انعدام الرجولة والخسة والدناءة، وهي للعارفين ليست بخصال غريبة عن "تيكتوكر" يسترزق على حساب كرامة وحياة الآخرين.