مركز للدراسات يطالب بتحقيق عدالة مائية منصفة للموارد بين الجهات

سعد داليا الجمعة 14 فبراير 2025
No Image

كشفت دراسة للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن المغرب بات يعاني بدوره تغيرات مناخية حادة بما فيها جفاف الصيف واعتدال الشتاء، والتي تؤدي إلى تراجع الموارد المائية والفرشة المائية، زيادة عن انخفاض الإنتاج الزراعي بسبب تقلبات الأمطار، بعد أن كشفت مجموعة دراسات إلى انخفاض نصيب الفرد من المياه المتجددة ويتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات مع زيادة درجات الحرارة وتقلص الأمطار في المستقبل، ويتعرض المغرب لمخاطر أكبر بقطاعات الزراعة والماء.

المركز وقف في دراسته أن المغرب يعرف عدة تغيرات في درجات الحرارة وانخفاض انتظام التساقطات المطرية أدت إلى تراجع ونضوب الفرشة المائية وتأثيرها على قطاعات مرتبطة بالماء كالصناعة والزراعة والاقتصاد إضافة للأفراد، خاصة بالمناطق النائية التي تعاني نقص المياه الصالحة للشرب، بعد أن عرفت حصة الفرد من المياه بالمغرب تتناقص بشكل متسارع، والتي تقل حاليا عن 650 متر مكعب سنويًا لكل فرد، ومن المتوقع أن تنخفض لأقل من 500 متر مكعب بحلول عام 2030، تشير دراسة المركز الإفريقي مع ذلك أن المغرب يتصدى لتحديات كبيرة تتعلق بتغير المناخ، وبوصفه أحد أكثر بلدان العالم معاناة من الإجهاد المائي ويواجه ضغوط متزايدة بسبب الجفاف وانخفاض تساقطات الأمطار وتزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني، بعد أن أصبح المغرب على أعتاب أزمة مياه شديدة قد تصل إلى حالة " الندرة المائية " قبل سنة 2050 ، كما يلوح في الأفق خطر حدوث فيضانات شديدة ومتكررة بالمناطق والمراكز الحضرية الرئيسية.

ووقفت الدراسة على أزمة الماء التي يعرفها المغرب والتي ترتبط إحداها بالقطاع الزراعي والذي يعتبر المياه عنصر أساسي في القطاع والذي يمثل حوالي % 13 من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل لأكثر من % 30 من القوى العاملة المغربية، وتستخدم المياه بالري حوالي 1.6 مليون هكتار بالأراضي الزراعية، ومع ذلك فالاعتماد على تقنيات الري التقليدية تؤدي لاستنزاف كبير للموارد المائية، فيما يشهد القطاع الصناعي استغلال الماء كمورد أساسي بعدة عمليات صناعية تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني، واعتماد معظم الصناعات مثل الأغذية والمشروبات على الماء كمكوّن رئيسي، يُستخدم في ( الغسيل، التحضير، التبريد، والتنظيف ) لضمان جودة المنتجات، كما تعتمد صناعة الورق بشكل كبير على المياه لإذابة الألياف الخام وتنظيف الآلات، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بتقليل الاستخدام وإعادة تدوير المياه لتقليل الأثر البيئي.

الخبير الاقتصادي رشيد الساري رئيس المركز ولمواجهة أكد أن أزمة المياه التي يعيشها المغرب جعلت المركز إعداد (74) توصية قصد بلورة استراتيجية وطنية شاملة قائمة على الحلول الذكية وتفعيل حوكمة رشيدة وخلق التعاون الدولي للمساهمة في ضمان إدارة مائية متوازنة وعادلة وفعالة، في مقدمتها الأهداف الاستراتيجية القاضية بتحقيق العدالة المائية عبر توزيع منصف وعادل للموارد بين الجهات والمجتمعات، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار في إدارة المياه لضمان الكفاءة والاستدامة وحماية الموارد الجوفية والسدود عبر إجراءات صارمة لحمايتها من الاستنزاف والتلوث مع إدماج الوقف الإسلامي كآلية تمويل مستدامة لدعم مشاريع المياه.إشراك المجتمع وتعزيز الثقافة المائية لضمان وعي الأجيال القادمة بأهمية الحفاظ على المياه وتعزيز التعاون الدولي للاستفادة من التجارب الرائدة في الإدارة المستدامة للمياه.

وبالنسبة للعدالة المائية والتوزيع المتوازن للموارد دعا المركز إلى إطلاق برنامج "التوازن المائي الجهوي" لتحديد حصص عادلة لكل جهة بناءً على وفرة الموارد واحتياجات السكان، وتوسيع الربط بين الأحواض المائية لضمان تدفق المياه إلى المناطق الجافة وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية، والعمل على إحداث "مجلس العدالة المائية" الذي يضم خبراء بيئيين واقتصاديين وممثلين عن الجهات لضمان توزيع المياه بشكل عادل وشفاف.

وفي مجال التحول الرقمي والابتكار في إدارة المياه أوصى المركز بتعميم تركيب عدادات ذكية بالمنازل والمصانع مع إرسال تنبيهات فورية حول الاستهلاك المفرط عبر تطبيقات الهاتف المحمول ، وإدخال الذكاء الاصطناعي في توزيع المياه يحدد الأولويات في فترات الجفاف وضمان تخصيص عادل بناءً على الحاجة الحقيقية، تشير إحدى التوصيات إلى إطلاق تطبيق "المياه الذكية للمغرب" لتمكين المواطنين من تتبع استهلاكهم والحصول على نصائح فورية حول الترشيد وإنشاء " مركز وطني للذكاء الاصطناعي في تدبير المياه" لتوقع الأزمات المائية وإعداد خطط استباقية لمواجهتها.