بشكل لا يمكن أن يكون بريئا على الإطلاق، انتشرت في وسائل التواصل، وفي بعض القنوات أخبار عن كون المغرب من بين وجهات ترحيل المواطنين الغزيين، بعد إجلائهم عن أرضهم. الخبر بدأ صغيرا، ثم تلقفته عدة جهات وروجت له على مستوى واسع.. المجتهدون في الخيال العلمي، وفي الأوهام المغرضة، ربطوا بين اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وبين تطويع المغرب لقبول إملاءات جهات خارجية. الربط أيضا طال قرار المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في وقت سابق على أحداث غزة الأخيرة..
دون الدخول في حيثيات اقتراح الرئيس الأمريكي بخصوص ترحيل الفلسطينيين، لا بد من التأكيد على أن الذين يروجون للأخبار الزائفة التي تستهدف المغرب، يجهلون، أو يتجاهلون، مكانة المملكة ومقوماتها الحضارية والثقافية، ومقام المغرب على المستوى الجهوي والدولي. ومن أهداف الترويج لمثل خبر كون المغرب يمكنه أن يكون وجهة في مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين، هو محاولة إظهار المغرب كدولة مغلوبة على أمرها، لعبة في يد قوى خارجية.. وبالطبع هذا جهل بموقع المغرب ومكانته كنظام، وكشعب حافظ عبر التاريخ على مقوماته وحريته وكرامته. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فالمغرب كان دوما يقوم بأدوار كبيرة دون أن تكون له أهداف أو أطماع، والفلسطينيون يعرفون جيدا هذا الأمر.
أما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل فالدولة المغربية اتخذت هذا القرار انطلاقا من قاعدة المصلحة الوطنية. وقرار الدولة المغربية له مبرراته انطلاقا من السيادة المغربية والمصلحة. طبعا هناك أصوات شعبية عارضت القرار، وعبرت عن ذلك بكل وضوح، وفي إطار حرية التعبير التي يكفلها الدستور المغربي. وقرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل جاء دون المساس بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي قيام دولة تتعايش مع دولة إسرائيل، وهذا هو التوجه الذي دعا له المنتظم الدولي من خلال منظمة الأمم المتحدة. كما أن المملكة المغربية تقف، فعلا وليس قولا فقط، إلى جانب الشعب الفلسطيني، وبيت مال القدس، التابع للجنة القدس التي يترأسها العاهل المغربي، يقوم باستمرار بأعمال داعمة للفلسطينيين وللشعب الفلسطيني. يضاف إلى هذا ما يقدمه المغرب من مساعدات مادية ولوجيستية للفلسطينيين في مواجهة محنهم. وهذا العمل ليس وليد اليوم، بل يرجع إلى عقود خلت ومنذ حكم الملك الراحل محمد الخامس إلى اليوم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
المملكة المغربية ليست ضمن بلدان الجوار التي لها مصالح مادية محددة في منطقة الشرق الأوسط، وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل ما يقوم به المغرب يدخل في إطار دوره التاريخي والحضاري وارتباطه بالقضايا العادلة، وهذا أمر لا يمكن أن ينازع فيه سوى جاحد أو حاسد حقود.
إن محاولة إقحام المغرب في قضايا مشبوهة أمر مردود عليه بالتاريخ وبالجغرافيا. كما أن للمغرب سيادة وطنية تؤسسها قواعد البيعة وأسس الدولة. والذين يحاولون التشكيك في مكانة المغرب ومقامه، سواء عبر الترويج المغرض «للفيك نيوز»، أو عبر التشهير البئيس، لن ينالوا من هذا البلد في أي شيء، لأن للمغرب يستقي مقوماته من قوة الوحدة وقوة الانتماء، وقوة التشبث بالقضايا العادلة، وهي القضايا التي يعتبرها المغاربة أمرا مبدئيا لا يقبل المزايدة من أحد...