الخوف من المرأة !

بقلم: المختار الغزيوي الخميس 02 يناير 2025

لماذا يخشى الرجعيون إعطاء المرأة كل حقوقها، في المدونة، وفي غير المدونة؟ 

السؤال ضروري الطرح، وضرورته تأتي من منطق بسيط واحد: الرجعي ولدته امرأة، هي أمه، وولد امرأة هي ابنته، ولديه قريبات عزيزات من الجدة حتى العمة حتى الخالة دون نسيان الأخت، كلهن نساء. 

لذلك لابد من طرح السؤال بكل هدوء: لماذا يخشى الرجعي (وليس الرجل) المرأة إلى حد تخيل فخاخ كثيرة في لاشعوره المريض، تنصبها له المسكينة آناء الليل وأطراف النهار؟ 

لماذا ينتفض الرجعي، غضبا وخوفا وكمدا، كلما تعلق الأمر بمكتسبات جديدة للمرأة في كل المجالات؟ 

ما الذي يخيفه بالضبط؟ ما الذي يرعبه بالتحديد؟ 

ولاتقولوا لنا رجاء "الحفاظ على شرع الله"، لأن شرع الله سبحانه وتعالى أولا غير ظالم للمرأة، ولأن الرجعي ثانيا  ينسى في الحالات المتبقية، أي 99 في المائة من حياته حكاية شرع الله هاته، ولايتذكرها إلا حين الإرث، أو التعدد الظالم أو ضرب المرأة بعد هجرانها في المخادع، أو حين يريد أن يتلو على مسامعها أن الكيد منها عظيم، مع أن امرأة العزيز التي وردت في حقها الآية الكريمة انتقلت إلى جوار ربها منذ قرون وقرون، وامرأة اليوم لم تر سيدنا يوسف عليه السلام، لكي يعجبها جماله، فيثيرها حد الجنون، وتفتري عليه كذبا فقط لأنه رفض أن يعاشرها في الحرام. 

مرة أخرى نقولها: الإسلام دين رحمة ويسر واجتهاد، ولايمكن أن يكون سبب قهر أو جور أو ظلم، لا على المرأة ولا على الرجل. 

وعندما يشتغل علماء أجلاء، تحت لواء الدين ومن داخله، رفقة العلماء الحقيقيين في المجالات الأخرى، كل مجالات العلم النافع، على تحسين شروط عيشنا جميعا، نساءا ورجالا، يفترض فينا أن نرحب، وأن نتذكر أن باب الاجتهاد مفتوح، وأن سبب فتحه هو تطوير اجتهادات العلماء في كل المجالات مراعاة لكل تطورات الحياة. 

والحياة، بالنسبة للمرأة وللرجل تطورت كثيرا في وقتنا الحالي، وتغيرت، وصارت تفرض علينا، وإن بقينا من سكان الجاهلية الأولى كثيرا من التعايش معها.

وهذا التعايش يجب أن يكون عاقلا، ويجب أن يراعي أعرافنا، وتقاليدنا، وأن يحترم أساسا ديننا، لكن يجب أن يكون تعايشا منتميا لوقت الناس هذا. 

ولو كان أهل الإسلام الأول معنا لماعارضوا هذا الكلام، لأنهم حين أتوا وأكرمهم الله بالدين الجديد، ووحدوا الإله، وحطموا الأصنام التي ورثوها عن الجاهلية، طوروا كل شيء في حياتهم، وراعوا بعضا مماعرفه مجتمعهم قبل الدين، فاختاروا التدريج في كثير من المسائل حتى تآلف الناس حينها مع كل جديد أتوا به. 

إنسان العصور الماضية استطاعها، والرجعي في سنة 2025 لازال غير قادر عليها؟ 

في الأمر أشياء كثيرة من حتى، وهو علامة خوف من عنفوان أرعب الشرقي منذ القديم، هو عنفوان المرأة. 

لكننا لسنا شرقيين، لحسن الحظ. 

نحن مغاربة، ومنذ قديم القديم اتفق ناسنا على إعطاء المرأة حقوقها وماتستحق، واليوم يأتي النص القانوني فقط لكي يجود بعضا مما يمكن تجويده في انتظار المزيد، لأن الظلم كله يجب أن يرتفع، ولايجب أن نكتفي برفع جزء صغير منه. 

لماذا لم يرفع الظلم كله دفعة واحدة عن المرأة في التعديلات الأخيرة؟ 

لأن الرجعي الخائف لازال يحيا بيننا، ولازال يعرقل هذا التطور الحياتي الضروري والمؤكد، والقادم لامحالة، اليوم أو غدا، أو بعد أن ينقرض الرجعي في قادم السنين…

لنطمئن، المعركة محسوم أمرها سلفا، فالمستقبل تعود دائما هزم الماضي، ودحره في كل موقعة أو حرب أو غزوة، وفي كل المعارك.