احتياجات خاصة!

بقلم: المختار الغزيوي الثلاثاء 31 ديسمبر 2024
437558316_871453971693454_329807091093722925_n
437558316_871453971693454_329807091093722925_n

نحتاج في مشهدنا الإعلامي المغربي لجلسة مع بعضنا البعض، لا لوقفة مع الذات، لأننا فعلا بلغنا مرحلة من التنافر لا تسمح لنا بالتقدم بعيدا في هذا الميدان. 

أتحدث عنا وعنهم، وعن الذين معنا، والذين يحبون غانا، والآخرين الذين يذهبون مع «الرابحة» متى مالت الكفة ناحيتها، وعن جزء آخر يكتفي بفرجة جبانة لم تعد مقبولة ونحن على هذا الحال اليوم، وعن بقية البقية. 

القدماء، والمنسيون، والهاربون، والذين أقصوا أنفسهم، ثم اعتبروا أن الآخرين هم الذين أقصوهم، لأنهم لا يمتلكون شجاعة الاعتراف بهروبهم في لحظة من اللحظات. 

ثم الجدد، أو المحدثون، والذين يعتبرون أن الصحافة لم تبدأ في هذا البلد إلا معهم، وطبعا يجب أن نضيف إليهم الموقنون بأن الصحافة انتهت تماما يوم غابوا عن الأنظار، لهذا السبب أو للآخر. 

نتحدث أيضا عن الصحافيين المعارضين، وعن صحافيي التأييد، وعن صحافيي البين-بين، وعن الآخرين المستعصين على أي خندقة أو وضع في هاته الخانة أو تلك، غير القابلين لوضع «التيكيتة» الشهيرة من أجل الانتهاء منهم، لعدم القدرة على مناقشتهم والجدال معهم حتى الختام. 

كل هذا الخليط المتجانس وغير المتجانس ملزم اليوم بأن يعترف أن الحالة (حالة الله) وهي سيئة للغاية في المشهد، وقد استغلها وصوليون كثر، ومتطفلون، وغرباء ودخلاء، وأشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصحافة، لكي يزيدوا الشرخ اتساعا، ولكي يحفروا الهوة أكثر، فقط لكي يصبح لوجودهم معنى، ولكي يقال عنهم «إنهم مع هذه الصحافة أو مع الأخرى». 

اليوم، لسنا في مفترق طرق فقط، ولا في تقاطعها. 

اليوم، نحن وصلنا في عملية تقطيع أوصال هذا الجسم الحد النهائي، ومن الضروري أن تخرج أصوات منا تقول لنا جميعا «كفى». 

لن نذهب بعيدا بكل هذا الذي نحن مصرون على اقترافه. ولن يتعب السب من سبنا جميعا، وطبعا سنجد باستمرار الكلمات المناسبة لإيلام بعضنا البعض، لأننا محترفو كلام فقط، لكننا لن نحل الإشكال، ولن يقضي بعضنا على بعض.

سنستمر جميعا في الوجود، مهما ضايقت هذه القاعدة الحياتية البسيطة أولئك الذين يرغبون في البقاء لوحدهم، والذين لا يطيقون الاستماع إلا لأصواتهم، ولا يحلو لهم التحديق إلا في سحناتهم.

قدر الناس في الحياة هو تعايش الأضداد وتدافع الناس، واستمرار الاختلاف في تغذية قدرة الإنسان على العيش... والتعايش. 

وفي الصحافة بالتحديد، ملح نبض العيش فيها وجود هذا الصوت وذاك، ووجود النقيض منهما، بل ووجود نقيض النقيض. 

هل نستطيع، وقد غذى جهل «السوشال ميديا» فينا مزيدا من الأنانية القاتلة، أن ننصت لهذا الكلام وأن نفهمه وأن نقبل بجعله فيصلا بيننا يضمن لنا البقاء وسط الاختلاف والاختلاف مع البقاء؟ 

لا أدري، ولكنني أميل مع كثيرين اليوم إلى الاقتناع أكثر فأكثر أن الوضع إذا ما بقي على ما هو عليه، سيذهب المتضرر منه، أي نحن جميعا، إلى الفناء، ولن يفوز في الختام إلا الدخلاء. 

لنفكر فيها بهدوء - إن استطعنا طبعا - ونحن نستعد لتوديع عام مضى ولن يعود أبدا من أعمارنا، ونتهيأ لاستقبال عام نتمناه جديدا بالفعل...

لنفكر فيها على الأقل أيها... الزملاء.