الإعلان الرسمي عن احتضان المغرب لكأس العالم لكرة القدم 2030، في ملف مشترك مع اسبانيا والبرتغال، يعتبر تتويجا لإصرار استمر لحوالي 30 سنة.. فمنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، قدم المغرب ترشيحه لتنظيم هذه التظاهرة العالمية الكبرى خمس مرات، لم يحالفه الحظ فيها.
إصرار المغرب بهذا الخصوص سيؤتي أكله ليقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم الاستجابة لملف مشترك شكل فيه المغرب لبنة أساسية اعتبارا من كونه ممثلا لإفريقيا بما يحمله هذا التمثيل من رمزية.
هو تشريف إذن، وتحقيق لحلم كبير، لكنه أيضا تكليف ومسؤولية كبرى تحمل تحديا عظيما يتطلب مجهودات جبارة لتحقيقه..
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
منذ إعلان جلالة الملك عن قبول ترشيح الملف المشترك، المغربي الاسباني البرتغالي، لتنظيم كأس العالم، شهدت المملكة حركية هائلة على مستوى التهيئ لهذا العرس العالمي. فانطلقت الأشغال والأوراش الكبرى سواء على مستوى تأهيل الملاعب أو على مستوى البنيات التحتية الأخرى من طرق وسكك حديدية وفنادق ومدن رياضية وغيرها. وقد خصصت الحكومة لهذا الشأن ميزانيات ضخمة، واعتمادات مالية مهمة. كما انخرطت في العملية كل الفعاليات ذات الصلة، وذلك من أجل توفير الشروط اللازمة ليكون المغرب جاهزا لسنة 2030، ومستعدا بما فيه الكفاية لإنجاح هذه التظاهرة بما تحمله من مكانة على المستوى الدولي.
منذ شهور والمغرب يعرف حركية غير عادية، حيث يتم تأهيل الطرق وبنائها، وتحديث ملاعب وبناء أخرى. هذا إضافة إلى الاهتمام بالبنيات التحتية السياحية من فنادق ومطاعم ومراكز تجارية وغيرها. وكل هذا يضع نصب أعينه العدد المحتمل من السياح الذين يجب أن يجدوا كل متطلبات الراحة والسياحة في المغرب في فترة المونديال، وطبعا سيكون لذلك أثر كبير على القطاع السياحي ما بعد المونديال.
ومهما تكون الانتقادات التي يوجهها البعض لمبدإ تنظيم كأس العالم في المغرب، إلا أن لا أحد يمكنه أن ينفي ما ستقدمه ، هذه التظاهرة، من خدمات للاقتصاد الوطني خصوصا على مستوى قطاع السياحة. كما أن المغرب سوف يربح بنيته التحتية كرافعة للاقتصاد ومسار للتنمية.
غير أن الاهتمام بالبنية التحتية، استعدادا لتنظيم المونديال، يجب أن يسير متوازيا مع الاهتمام مع بنية أخرى، يمكن تسميتها مجازا بنية فوقية. فالبناء الإسمنتي والحديدي سيكون مكتملا بإرفاقه بالاهتمام بأنظمة اجتماعية وسياسية. القصد هنا هو الاهتمام بالجانب المؤسساتي الإدارية والمجتمعية، وأيضا الجانب الثقافي والقانوني،أو ما يمكن تسميته بالتنظيم المجتمعي.
لا يختلف اثنان حول عراقة الحضارة المغربية وتجدرها في التاريخ. كما لا يمكن إنكار الثقافة المغربية بتقاليدها في التسامح وقبول الاختلاف والوسطية. وأيضا في تنوع مكوناتها في المعمار والطقوس والطبخ والغناء والشعر والأدب وغيرها. هو رأسمال لامادي متنوع وغني، وتراث مركب يعكس الجذور التاريخية العريقة للمغرب. هذه الكنوز من اللازم أن تكون بنية أخرى تستعمل لإنجاح تحدي 2030.
إلى جانب كل هذا، هناك الإنسان المغربي بثقافته وتربيته وكرمه وحفاوته، هذه القيم يجب أن يستخلصها زوار المغرب ويقيمونها أحسن تقييم. وهنا يأتي دور المواطن. فلا نريد خروجا عن قيم المغاربة. لا يجب أن يكون هناك من ينصب على السياح أو يبيعهم الوهم أو يغشهم.. يجب أن تكون كل البنية المستقبلة لزوار المغرب في مستوى اللحظة، بالصدق والأمانة والإخلاص.. وهذه أشياء يمكن التحكم فيها بالتوعية وبالضرب بقوة على أيدي المخالفين..نريد من المونديال أن يخرج كل ما هو جميل فينا، الاحترام والصدق وسمو الأخلاق وحسن التربية... أن نحترم الآخر ونكون صادقين معه. وأن نحترم البيئة ونتفادى تلويثها. وأن نحترم تاريخنا وتراثنا ومغربيتنا.