زملاء و«زملاء» !!

بقلم: المختار الغزيوي الأربعاء 11 ديسمبر 2024

أرادت نائبة برلمانية، جزاها الله عنا خير الجزاء، أن تهتم بنا يوم الإثنين الماضي، وأن تسأل عن أحوال مقاولاتنا الإعلامية ماديا، لكنها فعلا «جات تكحلها عماتها»، فأكدت لنا ما نحسه من هوان، وصدقت على شعورنا أننا حقا آخر الأيتام، في مأدبة هؤلاء المحترمين الكرام، ولن نقول أي وصف آخر طبعا.

السيدة النائبة المحترمة طرحت سؤالا مهما على وزير قطاعنا، عن الدعم العمومي الموجه للمقاولات الإعلامية، وأرغت وأزبدت وهي تتحدث عن «الشحمة»، وعن «المعلوف»، وعن ظهر هاته المهنة المسكينة الذي يستطيع أي كان امتطاءها في هذا البلد لأنها مهنة بدون بواب ولا حارس، وهي لوحدها دون بقية الحرف التقليدية والعصرية تتيح لكل عابر سبيل، هي من فراشه حالا، ودب على الأرض قليلا أن يقول عن نفسه إنه منها، وأنه هو الآخر «زميل وابن زملاء أصلاء».

حماس النائبة المحترمة لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهب بعيدا وهي تطالب الوزير الوصي على القطاع، الشاب المتميز والنشيط بنسعيد، بأن يمتلك الشجاعة لكي ينشر لائحة المقاولات الإعلامية التي حصلت على الدعم المالي الكبير والخطير والغزير هذا الذي يسيل لعاب الكل ويتسبب في نسيانهم كل شيء.

الوزير ابتسم وقال للنائبة المحترمة بكل بساطة إنه لا يستطيع نشر هاته اللائحة الخطيرة، لسبب وحيد وأوحد... هو أنها غير موجودة إطلاقا، لأن الدعم العمومي الموجه للمقاولات الإعلامية لم يصرف بعد!!!!!

«شفتو فين وصلنا؟».

المحزن في الحكاية كلها هو أن النائبة المسكينة «بغات تدير غير الخير»، وهي فقط مجرد مرسول للحب من طرف كسالى محسوبين على مهنتنا قالوا لها «اطرحي السؤال»، فطرحته، وهم أيضا لا يعرفون بالتحديد الموضوع الذي يحتجون عليه، فكانت النتيجة هي استعانة من لا يعرف بآخر لا يعرف للحديث عن موضوع أساسه الأول في باقي البلدان المعرفة، لكنه في المغرب مستباح وممكن التداول بين الجميع دون أدنى إشكال.

هذه هي الفوضى التي نريد القطع معها في هذا المجال، وقد حدثني رائد من الرواد ابتعد تماما عن الحرفة، ويكتفي حاليا بالمراقبة والحزن من بعيد أنه كان يحلم لو كان قادرا على الالتحاق بركب هذا التنظيم الذي يتم، وقال بالحرف والعبارة «جيتوني فيامات الكبر والمرض، أما ما تفعلونه فعظيم، ولو قمنا به زمن اشتغالنا نحن لما أصبح من هب ودب صحافيا».

قلنا للقيدوم شكرا، وزادنا اهتمام السيدة النائبة المحترمة بنا إصرارا على مواصلة الطريق، وطلبنا ونطلب مجددا من زملائنا الحقيقيين مساعدتنا على التخلص من «الزملاء» المزيفين، لأن الزمالة الفعلية والصادقة والحقيقية تفترض العمل سويا وبنية صادقة للقضاء على النوع الآخر من «الزمالة» التي قتلت مهنتنا، والتي نعرف جيدا أنها فاسدة وتقتل أي ميدان تسربت إليه.

هي كلمة سواء ندعوكم إليها في لحظة مفصلية وخطيرة للمهنة، فأنصتوا لها، أو ضعوا التراب بأيديكم على هذا الجثمان المسمى مهنتكم، أيها الزملاء، وأكرموه بالدفن السريع.