الأصالة والعراقة والتاريخ هي الكلمات الأكثر تعبيرا لوصف الاستقبال الملكي المغربي، الذي خص به الملك محمد السادس ضيف المغرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحرمه أول أمس الإثنين خلال تدشينه لزيارة الدولة بدعوة ملكية كريمة.
استند جلالة الملك إلى عكاز طبي طيلة فترة الاستقبال، لكن السند الحقيقي في تنفيذ بروتوكول الاستقبال كان هو تاريخ المملكة الشريفة وعراقة المؤسسة الملكية وامتدادها لقرون في هذا الجزء من القارة السمراء وإشعاعها الدولي طوال هذه الحقبة الزمنية المتطلعة إلى المستقبل.
من تحية العلم بمطار الرباط سلا إلى إطلاق المدفعية 21 طلقة ترحيبا بالضيف الكريم، وعلى امتداد الطريق نحو القصر الملكي والجماهير التي حجت بعفوية لتحية جلالة الملك وضيفه الكريم، وهي أصول المغاربة في كل بيت عندما يقفون احتراما لضيوفهم ويرحبون بهم بكرم وحسن استقبال، وإلى بوابة المشور السعيد على مشارف القصر الملكي، حيث استقبل فرسان الحرس الملكي جلالة الملك والرئيس الفرنسي في موكب مهيب، وبتنظيم دقيق سار الفرسان في مقدمة وعلى جنبات الموكب الملكي ليرسخ عراقته التي تمتد لأزيد من تسعة قرون، إذ إن هذه المؤسسة هي من أقدم مؤسسات الحرس الملكي في العالم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
في كل هذه اللحظات كان وحده صوت التاريخ يتحدث ليعلن تفرد مملكة عريقة يقودها ملوك عظام.
في المطار سار الملك وضيفه جنبا إلى جنب وتبادلا عبارات الترحيب، وحرص الملك شخصيا على تنفيذ البروتوكول بدقة وبكل تفاصيل، وفي الطريق لم تكن التحية الصادقة من السيارة الملكية للمواطنين الذين جاؤوا للترحيب بهما كافية، فترجل جلالة الملك وضيفه وتوجها إلى أبناء الشعب للسلام على عدد منهم وخلف الحواجز كانت الأيادي تمتد لتشد بحرارة على يدي جلالة الملك وتدعو له بالسداد والشفاء، ثم تبادل الرئيس الفرنسي التحية ترحيبا به، فيبادلها التحية نفسها ويضم يديه إلى صدره دليل عرفان بهذه المحبة المتبادلة.
والتاريخ هو الذي احتضن ماكرون عندما دخل ضريح محمد الخامس ذا الطابع المعماري الأصيل للترحم على جلالة المغفور لهما الملك محمد الخامس أب الأمة، والملك الحسن الثاني باني المغرب الجديد، ويضع إكليلا من الزهور على قبريهما.
عندما يمتزج التاريخ بالقيادة الحكيمة فهي بلا شك لحظة الرؤية الواضحة لتدبير الحاضر بكل إشكالاته وطموحاته والتطلع إلى المستقبل لا كزمن آت فقط، ولكن كوجهة يقتحمها قطار المملكة وكمحطة للجهود المبذولة من أجل الحفاظ على الاستقرار وتقوية مجالات تأمينه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وإنجاح هذه الرؤية لا يمكن أن يكون إلا بنظارات مغربية، وفي هذا الإطار يأتي الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء وبالحكم الذاتي كحل أساسي للنزاع المفتعل حول الصحراء، وكذلك جاءت الاتفاقيات والعقود والشراكات التي تم التوقيع عليها لتؤكد أنه سيتم تفعيلها على كافة التراب المغربي دون استثناء أي جزء منه بما في ذلك الأقاليم الجنوبية.
وما يجمع المغرب بفرنسا ليس فقط التاريخ والسياسة، ولكن أيضا آلاف الشبان الذين وحدتهم الثقافة والحضارة وتمكنوا من الاندماج بل والتفوق أيضا وصاروا قدوة ونماذج يحتدى بها وهم الذين يشكلون اليوم مستقبل البلدين.
إن التنوع الثقافي والمجتمعي الذي يعد واحدا من ركائز المملكة هو في الوقت نفسه حافز على تألق أبنائها وسبيل إلى توثيق الروابط وتبادل الخبرات وبلوغ المستقبل عن طريق الشراكات الوازنة والتعاون المتين اللذين يحترمان السيادة المغربية.