عندما يقول فخامة تبون، رئيس القطر الجزائري الشقيق، إن اقتصاد بلاده هو «ثالث اقتصاد في العالم»، يبتسم الكثيرون هنا وهناك حياء وخجلا، فيما يستلقي الذين لا يهتمون على ظهورهم ويقهقهون ضحكا، وهم يتساءلون «ماذا يقول عبد المجيد؟». الضحك من كلام «عمي تبون» ليس حلا في نهاية المطاف، فنحن هنا في المغرب نفترض أنه فعلا رئيس الجمهورية هناك في الجزائر، ولا نتخيل، حتى من باب المزاح الفارغ أو الضحك السمج الثقيل، أن السيد الرئيس سيقول هذا الكلام كذبا أو بهتانا فقط لكي يرش بعض الملح على حملة انتخابية بائسة هناك، من أجل التمديد له مجددا ريثما يتعب منه الممسكون الحقيقيون بزمام البلد وأمور البلد، عسكر أو كابرانات المرادية. لا، نحن نصدق فخامته، ونفرح لأننا في المغرب نحب الخير لإخواننا مثلما نحبه لنفسنا، أن بلدا جارا وشقيقا وصل إلى هذه الرتبة العالمية في الاقتصاد الكوني، واستطاع أن يحل ثالثا بعد من لا نعرف من البلدان، ونغبط هذا البلد، ونتمنى أن نحتل (حتى حنا شي نهار) هذه الرتبة أو الثانية، ولم لا الأولى؟ (اللي يطلبها يطلبها كبيرة) وما ذلك على الله بعزيز. تفصيل صغير واحد يمنعنا من التصديق التام والكامل على كلام «عمي تبون»، هو أننا رأينا شريط فيديو له ذات يوم من الأيام وهو يقول إنه يحمل وراء ظهره دائما الحجر لكي (يشير به) على أعدائه الحقيقيين والمتخيلين. ولدينا نحن في المغرب، ومهما بلغت طيبوبتنا، نوع من الحذر الطبيعي تجاه حملة الحجر، لأننا نعرف ــ من باب التجارب السابقة والطويلة أو لنقل العريقة عراقة مملكتنا ــ أن جانبهم غير مأمون، وأن الثقة فيهم مستحيلة، وأنهم دائما مستعدون للمرور إلى الفعل دون سابق إشعار وإنذار. لذلك، سنتحفظ قليلا قبل أن نشرع في إرسال التهاني والأماني إلى الإخوة في بلاد «المغرب الأوسط» على هذا الإنجاز الاقتصادي العالمي، وسنمنح أنفسنا مهلة التأكد الحقيقي من الأمر، وبعدها، وإذا ما ظهر لنا حقا أن الأمر جد، بل «وجد الجد كمان»، سنبعث دورات تدريبية مغربية إلى هناك تعلم اقتصاديينا كيفية تسلق ترتيب الاقتصاد العالمي بهاته الخفة المجنونة فعلا. وقديما غنى المصريون اللطفاء عن أثر المخدرات المدمر الذي يسطل العقول، وقالوا «أووووه، سطلانة»، وبقية الأغنية اللطيفة أنتم تحفظونها عن ظهر قلب بكل تأكيد.