ممارسات تفتح الباب لمافيا العقار

عمالة عين السبع رفضت طلب ورثة عقار سحبه من تصنيف العقارات المهملة
عبد المجيد حشادي الخميس 11 يوليو 2024

في واقعة غريبة، تمنع قيادة الصخور السوداء وعمالة الحي المحمدي عين السبع ورثة عقار من تملك العقار الذي تركه والدهم، مصرين على عدم رفعه من وضعية «العقار المهمل» ما يجعله عرضة لشبكات السطو على العقارات، حيث يستعد الورثة لطرق القضاء الإداري، محملين القائد والعامل مسؤولية ما قد يحدث للعقار المذكور.

وكشف دفاع الورثة أن هذه الحالة نادرة في المغرب، حيث ترفض مصالح القيادة والعمالة رفع حالة «العقار المهمل» عن العقار الذي ورثوه عن والدهم، متجاهلة القانون وكذا الخطة الحكومية التي تم وضعها قبل فترة بأوامر ملكية، من خلال تنسيق عمل كل من وزارة الداخلية والمحافظة العقارية ووزارة العدل، لمحاربة هذه الوصفة التي يتم اللجوء لها، من قبل شبكات السطو على العقارات التي تستغل العقارات التي يكون أصحابها مجهولي الهوية.

ويضيف الدفاع، في تصريحات للجريدة، أن الواقعة الحالية غريبة، ذلك أن المالكين للعقار معروفون ويملكون كل الوثائق الضرورية، لكن القيادة والعمالة ترفض حتى الجواب كتابة على كل المراسلات التي تم تبليغها عن طريق مفوض قضائي، ما يطرح وفق الدفاع أكثر من علامة استفهام.

وبدأت الحكاية قبل أكثر من سنة، حين وجد ورثة عقار بمقاطعة الصخور السوداء بالدار البيضاء أنفسهم في دوامة إجراء إداري، من شأنه أن يفتح الباب نحو التلاعب في عقارهم من قبل سماسرة بدؤوا يحومون حول العقار، وفق ما توصلوا به من معلومات، حيث تقدم ورثة عقار بشارع مولاي إسماعيل بالصخور السوداء، والحامل للرسم العقاري C2917/5 لإدارة المحافظة العقارية لاستخراج رسم عقاري، ليكتشفوا أن العقار مدرج في خانة العقار المهمل، وهو صيغة إدارية يتم اللجوء إليها في حالات العقارات التي لا يعرف أصحابها أصلا.

وعلى إثر ذلك، تواصل ورثة الحاج بلعيد العربي بالملحقة الإدارية للصخور السوداء، من خلال دفاعهم، من أجل رفع حالة العقار المهمل، حيث طلب منهم قائد الملحقة تقديم رسم عقاري يؤكد ملكية والدهم الهالك للعقار، وهو ما تم القيام به، حيث تقدموا برسم عقاري يؤكد أن العقار في اسم الهالك، كما تقدموا برسم الإراثة، باعتبارهم ورثة العقار، ملتمسين رفع حالة المهمل درءا لكل عملية تحايل أو تزوير يمكن أن تطال عقارهم من قبل مافيات العقار.

طلب منهم القائد، وفق تصريحاتهم، مهلة للقيام بالمتعين، لكن الأسبوع الذي حدده، لهم امتد لأكثر من شهرين، كان خلالها القائد يتحجج بتبريرات غير منطقية باعتبار أن عامل الوقت ليس في صالحهم، وأن المحلقة الإدارية بهذا السلوك تفتح الباب نحو عمليات التلاعب التي يمكن أن تطال عقارهم.

وبعد عدة أشهر من الانتظار، اضطر الورثة عبر دفاعهم تقديم ملتمس لعمالة الحي المحمدي عين السبع، مشتكين فيه من تلكؤ القائد ورفضه التعاطي مع طلبهم، لكن هذا الملتمس تم تجاهله ولم تقدم العمالة حتى على الرد عليه، ما زاد من هواجس الورثة الذين أصبحوا يضعون أيديهم على قلوبهم، خشية أن يتعرض عقارهم للسطو، بسبب رفض غير مفهوم للمصالح الإدارية من أجل القيام بعملها الذي يلزمها به القانون.

ويضيف الورثة أن ما زاد من تخوفاتهم هو ما كشف عنه وزير العدل في جلسة برلمانية في معرض رده على أسئلة النواب البرلمانيين الإثنين 16 يناير الماضي أنه قد تم جرد العقارات المهملة بتنسيق بين وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، مشيرا إلى أنه وبعد إحالة جرد هذه العقارات على مصالح المحافظة العقارية لتدقيقها تبين أن لائحة العقارات المحفظة المهملة تضم 4037 رسما عقاريا.

وتساءل دفاع الورثة عن سبب عدم قيام قائد الملحقة المعنية بإخبار السلطات بوجود ورثة للعقار المهمل المذكور، لوضعه ضمن خانة العقارات التي تم تدقيقها خلال هذه العملية التي أعلن عنها وزير العدل، والذي أكد أنه تم اتخاذ الترتيبات اللازمة للتأكد من صحة الوثائق والعقود المبرمة بالخارج عبر مراسلة السلطات الأجنبية المختصة طبقا للاتفاقيات الدولية المعتمدة.

كما ذكر الوزير أن الرسالة الملكية الموجهة إلى وزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016 تضمنت أمرا مولويا بالانكباب الفوري على وضع خطة عمل عاجلة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير والقضاء عليها والسهر على تنفيذها، شاملة لتدابير تؤمن الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين فيها وإجراءات وقائية تضمن معالجة أي قصور قانوني أو مسطري من شأنه أن يشكل ثغرات تساعد على استمرارها.

وحسب الوزير؛ فكل هذه الإجراءات أسهمت إلى حد كبير في التصدي والحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، حيث عرف عدد القضايا المسجل في هذا الموضوع انخفاضا ملحوظا بفضل المجهودات المبذولة من طرف رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ إذ بلغ مجموع القضايا الرائجة المتعلقة بالاستيلاء على عقارات الغير إلى حدود شهر أكتوبر 2022 (59) قضية. كما قامت الوزارة بإعداد برمجية وطنية خاصة فقط بقضايا الاستيلاء على عقارات غير المعروضة على المحاكم، بهدف تتبعها من طرف الجهات القضائية المؤهلة لذلك.

وأمام هذا الوضع، قرر الورثة سلك المساطر القانونية في مواجهة قائد الملحقة الإدارية للصخور السوداء وعامل عمالة الحي المحمدي باسمهما وصفتهما، من خلال اللجوء للقضاء الإداري لدفعهما القيام بعملهم الذي يلزمهم به القانون، معتبرين أنهم يسيرون عكس التوجهات الملكية والحكومية القاضية بمحاربة مافيا العقار، محملينهم مسؤولية أي سطو يمكن أن يتعرض لهم عقارهم الممنوع عنهم بقرار إداري اعتبروه جائرا وتعسفيا.