صناعة الطيران المغربية تحصل على الاعتراف العالمي

بعد 8 سنوات من إشراف جلالة الملك على حفل توقيع بروتوكول إحداث منظومة صناعية للقطاع
عبد المجيد حشادي الاثنين 08 يوليو 2024

عززت شركة بوينغ الأمريكية العملاقة وجودها بالمغرب، بعد استحواذها على شركتها السابقة «سبيريت آيرو سيستمز» التي تدير مصنعا لأجزاء الطائرات بالمنصة الصناعية المندمجة "ميدبارك" بالنواصر.

وبموجب هذا الاستحواذ، الذي تم بعد أشهر من المحادثات بين عملاق الطائرات الأمريكي وفرعه السابق، ستدير بوينغ جميع مصانع شركة «سبيريت آيرو سيستمز»، بما فيها مصنعها في المغرب، وهو المصنع الذي يدخل ضمن اتفاقية فرعية مع شركة «إيرباص» الأوروبية.

ووفق ما كشفت عنه وكالة رويترز، فإن صفقة الاستحواذ هذه بلغت قيمتها حوالي 8٫3 ملايير دولار، منها 4٫7 ملايير دولار عبارة عن أسهم كاملة للشركة، والباقي هي ديون على شركة «سبيريت آيرو سيستمز ».

ومن شأن هذا الاستحواذ أن يعزز تواجد شركة بوينغ، العملاق الأمريكي، في المغرب، والتي سبق أن دخلت السوق المغربية، بعد توقيع بروتوكول اتفاق من أجل إحداث منظومة صناعية لمصنعي المعدات الأصلية لقطاع الطيران بالمغرب، والذي أشرف على حفل توقيعه جلالة الملك في حفل كبير بطنجة في شنبر 2016.

وقد احتفل مصنع شركة «سبيريت آيرو سيستمز» في يونيو 2022، بالإطلاق الرسمي لإنتاج مكونات جسم طائرة «إيرباص»، قبل أن يتم توسيعه لاحقا لاستيعاب حجم الطلبات المتزايدة، خاصة بعد أن شرع في إنتاج أجراء عديدة من مكونات الطائرات، من ضمنها القسم الأمامي والخلفي لطائرة «إيرباص»، لتتحول لواحدة من أكبر الشركات المصنعة لهياكل الطائرات التجارية ومنصات الدفاع الدفاع وطائرات الأعمال والطائرات الإقليمية عالميا.

وبفعل هذا النجاح الكبير، أبرمت شركة «سبيريت آيرو سيستمز» سنة 2020 اتفاقية مع شركة «بومبارديه» الكندية، لاقتناء موقعها بمنطقة النواصر، بعد أن قررت هذه الأخيرة تفويت بعض أنشطتها للشركات المناولة، وفق ما كان قد صرح به وزير الصناعة والتجارة السابق مولاي حفيظ العلمي.

وقبل هذا الاستحواذ، الذي من شأنه أن يعزز خطط العملاق الأمريكي للتوسع في إفريقيا والشرق الأوسط، كانت شركة بوينغ قد وافقت في اتفاق جديد مع المغرب، في مارس 2023، على إنشاء نظام بيئي يضم 120 من موردي الطيران في المغرب لتزويدهم بإمكانية الوصول لأسواق جديدة.

وتهدف هذه المذكرة الموقعة بين المملكة والعملاق الأمريكي إلى لمساهمة في تطوير صناعة الطيران في المغرب، من خلال إنشاء شبكة من الموردين المحليين، وتسمح أيضا لشركة بوينغ بالتواصل مع الشركات المحلية للحصول على المنتجات والخدمات المتعلقة بالفضاء، وبالتالي تطوير صناعة الطيران في المغرب.

وتؤكد هذه الخطوة الرغبة المغربية التي يرعاها جلالة الملك في أن تتحول هذه الاستمارات الضخمة لقاطرة حقيقية لخلق صناعة محلية، حيث تتضمن المذكرة الموقعة بين الطرفين ضرورة تطوير حلول تكنولوجية جديدة، وتعزيز سلسلة التوريد المحلية ودعم تعليم وتدريب خبراء الطيران.

ومن شأن تفعيل هذه الاتفاقية أن يتحول المغرب لأن يصبح اقتصاده أكثر تنوعا وأكثر تكنولوجية، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة في هذا القطاع، وهو ما يؤكده انخراط المغرب في تنويع عرض التكوين المهني ليشمل تخصصات تدخل في مجال قطاع صناعة الطيران.

وفي السياق ذاته، قدم العملاق الأمريكي الشهر الماضي دفعة جديدة لقطاع الطيران بالمغرب، بعد موافقته على منح شهادة التوريد لشركة تستقر في المغرب، ما يعني السماح لها بتصدير قطع الطائرات لجميع مصانع بوينغ في العالم.

و قد وقعت شركة شيمكو الكندية الفاعلة في مجال الطيران اتفاقا مع المغرب في مارس الماضي، يسمح لها بالتوطين في المنصة الصناعية المندمجة "ميدبارك" بالنواصر، لتنقل للتفاوض مع بوينغ الأمريكية من أجل توريد منتجاتها لمصانعها في العالم.

ووفق ملاحظين، فإن هذه الخطوة تعد إشارة قوية لقطاع صناعة الطيران في المغرب، باعتبار قبول العملاق الأمريكي توريد أجزاء مصنعة في المغرب بمثابة نجاح حقيقي لمخطط المملكة من أجل إنشاء قطاع طيران قوي، يسير في المسار نفسه الذي سار فيه قطاع صناعة السيارات.

وبسبب هذا النجاح قررت الشركة الكندية مضاعفة طاقتها خلال السنوات الثلاث المقبلة، ومضاعفتها كذلك ثلاث مرات أخرى خلال السبع السنوات التالية، في إشارة قوية تعكس توفر البنية الكاملة لخلق صناعة حقيقية رائدة في عالم الطائرات، عززته كذلك الخطوة الأخيرة للعملاق الأمريكي بوينغ.

يذكر أن جلالة الملك كان قد أشرف في شتنبر 2016 على حفل توقيع بروتوكول اتفاق من أجل إحداث منظومة صناعية لمصنعي المعدات الأصلية لقطاع الطيران بالمغرب، ترعاه شركة بوينغ ويقضي بإنجاز هيكلة منظومة صناعية تتألف من موردين وتنظيم قاعدة للتزود بالمغرب.

واليوم بعد حوالي 8 سنوات من توقيع هذا البروتوكول، يبدو أن المخطط الملكي لإنشاء قطاع طيران مغربي قد نجح في تحقيق أهدافه، عبر استقطاب كبريات الشركات العالمية العاملة في القطاع، وبدأ في جني ثمار هذه الصناعة التي تحولت لصناعة مغربية رائدة تعد بالكثير من الأمل لأن تصبح المملكة دولة مصدرة لأجزاء عديدة من مكونات الطائرات، في انتظار تحقيق حلم صناعة طائرة مغربية مائة بالمائة.