يواجه المغرب اليوم تحديات كبيرة يطرحها ملف الهجرة غير النظامية، خاصة التي تنطلق من الجنوب عبر الشريط الساحلي الأطلسي للمملكة ، دون أن نغفل سواحل موريتانيا والسنغال وغامبيا ، حيث تنشط عصابات الإتجار بالبشر والهجرة غير النظامية ، بشكل كبير وغير مسبوق و بسبب ما تعرفه منطقة الغرب والساحل الإفريقي ، من تمركز نشاطات عصابات الجريمة المنظمة و الجماعات الإرهابية ، المدعومة من طرف دول هدفها زعزعة الأمن والإستقرار بالعديد من دول الجوار .
هذا الخط البحري والذي يعتبر الأكثر خطورة من مسارات كانت والى وقت قريب تعتبر أكثر أمانا وذلك بالنظر لبعد المسافة البحرية وتسجيل حالات غرق متعددة، المحيط الأطلسي المعروف في علم الجغرافية ببحر الضلمات ليس هو البحر الأبيض المتوسط ملتقى القارتين الأوروبية والإفريقية ومهد الحضارات المتوسطية .
إن السواحل الجنوبية للمملكة ونظرا لشساعتها فهي تشمل تحديا لعمليات مراقبة كل نشاطاتها نظرا لطول هذه السواحل التي تحتاج إلى إمكانيات مالية لوجيستية وبشرية كبيرة، وهو ما تستغله الشبكات النشطة في الهجرة غير النظامية .
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
ومن المعلوم أن سبب تحول الهجرة غير النظامية من شمال المغرب إلى جنوبه، يرجع بالأساس إلى عامل تشديد الخناق على البحر الأبيض المتوسط والتعاون الكبير بين المغرب وإسبانيا ودول البحر الأبيض المتوسط .
الأمر الذي دفع بعصابات الهجرة غير النظامية ،إلى البحث عن بدائل جديدة ومنها المحيط الأطلسي، الذي أصبح أكثر نشاطا خاصة مع توالي حملات الترحيل التي تباشرها السلطات المغربية من الشمال نحو مدن الجنوب كأكادير و تزنيت وطانطان وسيدي إفني للعديد من المرشحين الأفارقة ،و قرب السواحل الجنوبية للمهاجرين القادمين من بلدان جنوب الصحراء، وهنا أتحدث عن الساحل البحري لمدينة الداخلة وقربه من جزر الكناري.
والملاحظ أنه في الآونة الأخيرة ثم تسجيل إنطلاق قوارب الهجرة غير النظامية من مدن طانطان و طرفاية والعيونو بوجدور والداخلة والتي لاتبعد عن أرخبيل جزر الكناري إلا بحوالي 120 كلم، فيما قوارب أخرى تنطلق من دول مجاورة كموريتانيا، السنغال أو من دول غرب إفريقيا، بمسافة قد تبعد بأكثر من 1500 كلم بسبب النزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية التي تعرفها دول الساحل ناهيك عن التغيرات المناخية ،الأمر الذي تسبب في تدفق الهجرة من هذه الدول الإفريقية إلى جزر الكناري .
الأمر الذي ثم تسجيله من طرف الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل ، والمغروفة إختصارا بفرونتكس، في بيانات حديثة لها، أن طريق غرب إفريقيا الذي يستعمله المهاجرون غير النظاميون للوصول إلى جزر الكناري، شهدت خلال الخمسة أشهر الأولى من هذه السنة إرتفاعا في حركة الهجرة بأكثر من 300 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2023 ، حيث سجل هذا المسار قرابة 18 ألف محاولة عبور غير نظامي .
أمر فرض ضغوطا متزايدة على السلطات الأمنية المغربية المكلفة بضبط السواحل الجنوبية للمملكة المغربية لمراقبة تحركات مرشحي الهجرة غير النظانية والذين أغلبهم مرشحين من جنوب الصحراء الى شباب مغاربة بعد تضييق الخناق على مسار البخر الأبيض المتوسط.
و الملاحظ وحسب تقارير منظمات دولية مهتمة بالهجرة ومنهامنظمة أوكسفام ومنظمة كامينادو فرونتيراس ، أن أغلب المهاجرين الذين وصلوا إلى جزر الكناري في السنتين الأخيرتين وحسب ذات المنظمة انطلقوا في الغالب من سواحل السنغال وموريتانيا، في حين تم تسجيل تراجع في أعداد الوافدين من السواحل المغربية، بسبب رفع المغرب من عمليات المراقبة في السواحل الأطلسية.
عمليات المراقبة التي تباشرها مختلف الأجهزة الأمنية ووحدات القوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية المكلفة بمراقبة الحدود وقوات الدرك الملكي ووحداته البحرية دون أن ننسى الدور الكبير الذي تلعبه البحرية الملكية ليس فقط في إعتراض شبكات الهجرة غير النظامية بل مذلك مختلف عمليات الانقاد التي باشرتها على طول الساحل الأطلسي بالجنوب المغربي . ففي سنة 2021 مثلا تم إحباط ما لا يقل عن 63121 محاولة هجرة غير نظامية ، وتفكيك 256 شبكة تهريب إجرامية ، وتم إنقاذ 14236 مهاجراً في البحر .
كما أن السلطات الأمنية المغربية اعترضت خلال العام 2023 حوالي 87 ألف مهاجرا غير نظاميا، اي بزيادة بنحو 17 ألف مقارنة بأرقام العام 2022.
وكمثال للجهود الحبارة الاي تقودها السلطات المغربية في مواحهة معضلة الهجرة غير النظامية، فإن وحدات الأمن الوطني خلال نفس الفترة قامت بتفكيك 92 شبكة إجرامية وتوقيف 566 منظما ووسيطا للهجرة، بنسبة زيادة فاقت 36 بالمائة مقارنة مع سنة 2021، التي عرفت توقيف 415 منظما للهجرة".
ولفتت المديرية، إلى حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة، استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة غير النظامية.
ختاما و إلى حدود وجهة نظرنا فموجات الهجرة غير النظامية ستسجل تزايد كبيرا عبر الساحل الأطلسي ، إنه تحول جديد حيث المهاجرون اضطروا الى استخذام مسارات اكثر خطورة ، ليزاد عدد الاشخاص الذين يسلكون بحر الضلمات ( المحيط الأطلسي ) المسار البحري القاتل نحو بلدان الشمال.
*ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.