سم الثعبان: الترياق !

المختار لغزيوي الخميس 25 أبريل 2024

منذ سنوات عديدة، أي منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، حين اقترفت جزائر بوخروبة، المعروف أكثر بلقبه الحركي الهواري بومدين، الذي تولى رئاسة البلد الجار بعد خيانة رفيقه أحمد بن بلة والانقلاب عليه، ونحن نبحث عن الترياق الملائم للقضاء على السم الذي ينفثه عسكر المرادية في وجه وطننا، محاولين القضاء عليه، وتمزيق وحدته الترابية.

جربنا مع المارستان المفتوح على الهواء الطلق، الموضوع شرقنا بظلم جغرافي واضح عليه لم نعترض عليه أبدا، كل مصل توصل إليه العلم الحديث في مجال محاربة السموم هذا، واستعنا بكل لقاح جديد سمعنا أن الأطباء اخترعوه واهتدوا إليه.

لكن سم الثعبان/الجار ظل قادرا على مقاومة كل اللقاحات، وبقي قاطنا في جسد ذلك "الحنش" لايريد مغادرته، إلى أن كان ماكان يوم سرق عساكر الجزائر ، في مطار بوخروبة أو الهواري بومدين، البذلات الرياضية التي ألف فريق نهضة بركان المغربي اللعب بها.

سألنا عن سبب هذا الاختلاس المعيب. أجابونا بأنها الخارطة، أو الخريطة.

المرضى الهاربون من ثكناتهم و "القشلات" إلى السياسة يعتدون بها على الشعب الجزائري المسكين لديهم مرض عضال يسمى الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

هم لايستطيعون رؤية خارطة وطننا مثلما هي في الواقع، كاملة، بهية، عفية من أقصى عروس الشمال، طنجة العالية، حتى الكويرة الأبية في قلب جنوبنا الغالي علينا.

تصيبهم حينها أزمات متعددة، تنفسية تفقدهم القدرة على الاستنشاق، وقلبية تسكت لهم الفؤاد وتمنعه من الخفقان، وعضلية تقعدهم بالساعات الطوال مشلولين، وأساسا نفسية تدخلهم في هلوسات وصراخ وعويل و "تمرميد" في الأرض، إلى آخر مظاهر مرض وعلامات سقم مما نحمد الله حمدا كثيرا على أنه شافانا مما ابتلاهم به وكفى.

طرفاء ظرفاء، وبعد أن احتسوا ماتيسر من شاي "الدحميس" (لاشكر على واجب، هذا إشهار مجاني لوجه الوطن) راودتهم فكرة جميلة بعد أن رأوا الحالة مست مجددا حمقى الجزائر في مباراة كرة اليد للشباب، يوم الثلاثاء الماضي، بمجرد رؤية الخارطة الكاملة الجميلة للمملكة المغربية العريقة، إذ فروا فرارا، وانسحبوا من اللقاء وهم يولولون.

قال الطرفاء مرددين البيت الشعري الشهير الكبير الحسن بن هانئ، المعروف أكثر بأبي نواس "وداوني بالتي كانت هي الداء"، وشرحوا البيت بالقول: هذا بلد بنى كل عقيدة الكراهية فيه على المس بوحدة المغرب الترابية، والمجانين الذين يمسكون بتلابيبه يصابون بجنون أكبر كلما رأوا الخارطة المغربية، ويهربون في كل اتجاه وهم يصرخون ويلطمون وجوههم ويعربدون، إذن هذا هو الحل: كلما رأيت مصابا بالسعار منهم، لاتخف ولاتندهش، ولاتخبر من معك. فقط أشهر في وجهه الخارطة، وستمسه الحالة، وسيشرع في الهذيان، وسينصرف بقدرة الله الواحد الأحد من أمامك، مثلما تنصرف الشياطين فور قراءة آية كريمة واحدة من محكم التنزيل الحكيم على مسامعها.

أطربت الفكرة الناس هنا وهناك، وصاح الكل "أوريكا، أوريكا، وجدناها وجدناها، أخيرا عثرنا على الترياق القادر على القضاء على سم الثعبان".

أشهروا - ياقومنا - في وجههم الخارطة والعلم وكل رموز الانتماء والحب للوطن العريق، الكائن هنا منذ عديد القرون، والباقي هنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسبهربون.

أعلنوا حب المغرب على رؤوس الأشهاد، ولن يقفوا أمامكم نصف ثانية.

التاريخ ودرسه الكبير علمنا أن الحب يهزم الكراهية، وأن العراقة تنتصر على الطارئ المستجد، وأن المغاربة، أهل المغرب، قوم إذا نصروك وناصروك، فلاخوف عليك، ولا أنت تحزن.