كليات الطب.. فضيحة السنة البيضاء !

حكيم بلمداحي الثلاثاء 23 أبريل 2024

أكمل إضراب كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان شهره الرابع دون أن يجد المشكل الذي تسبب فيه حلا.

أربعة أشهر من الانقطاع عن الدراسة في تكوين حيوي ومرتبط بصحة الناس، هو أمر يسائل الحكومة بشكل أساسي، إن لم نقل إنه فشل آخر في التدبير والتعامل مع بعض الملفات.. ويظهر أن الحكومة تكرر خطأها التواصلي والتدبيري في قطاع التعليم مع طلبة الطب.

الخطورة في المآل الذي تسير فيه الأمور مع إضراب كليات الطب يتمثل في أن الموضوع ليس منحصرا في مجال تكويني تدريسي فحسب، بل له تأثير كبير على استراتيجية للدولة المغربية، وورش كبير يعتبر من الأوراش الواعدة في المغرب، بل هو ورش ملكي قد يكون قاطرة التنمية في المغرب. نتحدث عن الجانب الصحي وعن التغطية الصحية الشاملة وما سيكون لها من آثار على صحة المواطنين وعلى صحة الدولة ومسارات التنمية الاقتصادية والبشرية والمجالية.

من المعلوم أن ورش التغطية الصحية وضع له سقف زمني ليكون جاهزا وحدد الزمن في السنة المقبلة سنة 2025. ومعلوم أيضا أن تحقيق هذا الورش الكبير والحيوي يتطلب إنجاز بنيات تحتية كبيرة من قبيل المستشفيات والمستشفيات الجامعية وبنيات أخرى... وقد تم إنجاز بعضها بالفعل والعمل متواصل لإنجاز الباقي. إلى جانب البنيات التحتية يتطلب الورش موارد بشرية في مستوى التطلعات لتحقيق البرنامج الكبير الذي سيكون إنجازا من المستوى الكبير، بل هو ثورة فعلية في المجال الاجتماعي بالمغرب.

تواصل إضراب طلبة الطب والتلويح بسنة بيضاء أكيد أنه سيكون مؤثرا على البرنامج المسطر بخصوص التغطية الصحية وبخصوص المسار الواعد لقطاع الصحة ببلادنا.. ألسنا أمام هدر للزمن قد يفسد المشروع، أو على الأقل يعطله ويعرقله؟

ما المطلوب إذن؟ هذا السؤال كان من اللازم أن تفكر فيه الحكومة وتوليه أهمية قصوي، لأن التفاصيل دائما تكون محددة في العديد من القضايا الكبرى.

ماذا سيضر الحكومة لو أنها عملت على فتح حوار بشكل عقلاني مع الطلبة واستمعت لمطالبهم، وحققت ما يمكن تحقيقه، وأقنعتهم بما تراه صائبا في مشروع الإصلاح، ولم لا فتح نقاش عمومي إن اقتضى الحال في بعض الجوانب، وبالتالي الخروج من الوضع المتأزم؟

التعالي الذي تتعامل به الحكومة، والتوجه إلى إشهار الزجر والعصا الغليظة، ليس بالعمل المجدي على الإطلاق، وقد جربته الحكومة مع رجال ونساء التعليم، وتبين في الأخير أن الحوار هو مفتاح كل الحلول.

أمام الحكومة فرصة من الممكن استغلالها، بل وجعل أطباء المستقبل ينخرطون بشكل إيجابي جدا في مشروع الإصلاح، وذلك من خلال تحميلهم المسؤولية من الآن وهم طلبة.

لا شك أن بعض مطالب الطلبة قد تتعارض مع فلسفة المشروع الإصلاحي في مجال الصحة، هنا تأتي مهمة الحكومة في الإقناع والعمل على إيجاد حلول مقبولة تذوب تخوفات الطلبة وتدفعهم إلى الانخراط بكل مسؤولية في ما يقبل عليه المغرب في ورش الصحة.

لقد استطاع ممثلو طلبة الطب أن يروجوا لمطالبهم، وأظهروا للرأي العام أنهم بالفعل نخبة من نخب التعليم في المغرب، هذا الأمر يمكن استغلاله في حوار جدي ومسؤول. كما أن في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان أساتذة يمكن أن ينخرطوا في حوار فعلي ينهي أزمة ما كان لها أن تطول لو كانت للحكومة رؤية استباقية.

إن حدوث سنة بيضاء في تكوينات الطب بتخصصاته واختصاصاته، في وقت ينتظر فيه المغرب تحقيق المشروع الصحي المعلن عنه، سيكون فضيحة حقيقية وهذا ما نتمنى أن لا يقع.