الدكتور مستكفي : هذه خلفيات الصراع على رئاسة اللجن البرلمانية

عبد اللطيف مستكفي الجمعة 19 أبريل 2024
No Image

 أستاذ القانون الدستوري و العلوم السياسية

جامعة الحسن الثاني عين الشق / الدار البيضاء

 

تنافس غير مسبوق يشهده مجلس النواب حول رئاسة اللجان البرلمانية الدائمة خلال الدورة الربيعية الحالية. ذلك ما يثير عن التساؤل عن الخلفيات والدوافع الحقيقية وراء الصراع والتنافس حول لجنة التشريع بين حزبين ينتميان للمعارضة هما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحركة الشعبية , وهو ما يجيب عنه الدكتور عبداللطيف مستكفي أستاذ القانون الدستوري و العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني عين الشق / الدار البيضاء في المقال التالي :

إن المتتبع للشأن السياسي المرتبط بالعمل البرلماني، سيقف عند حقيقة مفادها أن صراع المواقع أشد من صراع البرامج والمقترحات. يتعلق الأمر هنا بجانب من التنافس الخفي حول رئاسة اللجن والفرق البرلمانية.

فإذا كان المشرع المغربي يحيل على القانون الداخلي للبرلمان فيما يتعلق بانتخاب الهياكل البرلمانية (رئيس المجلس ومكتب المجلس ورؤساء اللجن) بالاستناد إلى منطوق الفصل 62 من الدستور المغربي الذي يشير إلى أن عملية الانتخاب تجري في مستهل الولاية التشريعية ويتم التجديد خلال الدورة الربيعية من السنة التشريعية الثالثة، فإن الأمر لا يخلو من صراعات يتم اللجوء معها إلى حل التوافق.

فما هي بواعث هذا التنافس حول رئاسة اللجن ؟

في اعتقادنا يمكن تصنيف هذه الدلالات إلى دلالات رمزية وأخرى سياسية.

أولا: الدلالات الرمزية:

       إن الحديث عن البرلمان من حيث طريقة انتخابه بشكل مباشر أو غير مباشر أو من حيث تركيبته (الأحادية المجلسية  أو الثنائية المحلية) أو من حيث المهام المنوطة به كسن التشريع والمراقبة.

       كل هذه العناصر توحي بأن البرلمان تحكمه الاعتبارات القانونية وبالتالي لا غنى للباحث عن اعتماد مقاربة قانونية صرفة في تناوله لموضوع البرلمان كمؤسسة تشريعية. في حين تحضر مقاربات متعددة، فلا مناص للباحث في هذا المجال من اعتماد مقاربة سوسيولوجية تستحضر  مجموعة من الأسئلة المرتبطة من جهة بالأصول الاجتماعية للبرلمانيين ومن جهة أخرى بتمثلهم للعمل البرلماني..

       إن الطابع القبلي الذي ميز بعض الأحزاب السياسية والذي يضعنا أمام تصنيف للأحزاب السياسية (الحزب الفاسي – حزب شلوخ – حزب العروبية) يختلف عن التصنيف المعتمد في أدبيات علم السياسة (مثلا أحزاب يسار وأحزاب يمين). يؤثر بشكل كبير على الممارسة البرلمانية. فصراع الزعامة الحزبية وعضوية الهياكل المقررة داخل الحزب تمتد على مستوى المؤسسة البرلمانية وهذا ما يفسر احتدام الصراع والسباق بدء برئاسة المجلس مرورا برئاسة اللجن والفرق البرلمانية وانتهاء بعضوية مكتب المجلس واللجن.

ثانيا: الدلالات السياسية:

       لا يخلو صراع الظفر برئاسة اللجن بين برلمانيي الحزب من صراعات تندرج في إطار صراع المواقع الحزبية والسياسية، إنها عملية أشبه بإعداد سيرة ذاتية حزبية تشكل دعامة في الترقي في سلم الدرجات الحزبية والسياسية.

       لقد جرى العرف بعد الاستحقاقات البرلمانية أن يتم التوافق على توزيع المهام بين مكونات الأغلبية فالظفر برئاسة الحكومة لأحد أطراف التحالف الحكومي يقود إلى إسناد رئاسة مجلس النواب لطرف آخر في التحالف ورئاسة مجلس المستشارين لطرف آخر.

       وهذا يفيد أن الخيار الانتخابي يبقى شكليا ولعل هذا ما جسدته مثلا مراسيم إعادة انتخاب رشيد الطالبي العلمي عن حزب التجمع الوطني للأحرار رئيسا لمجلس النواب خلال افتتاح الدورة الربيعية من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشر.

       وتسعى الأحزاب السياسية إلى إسناد رئاسة اللجن البرلمانية لشخصيات تتوفر فيها شروط الماضي النضالي والتمرس السياسي وجودة التواصل.