سيارة فارهة و‘‘بريستيج‘‘ وتعويضات سمينة.. هذه أسباب اشتعال الصراعات حول رئاسة اللجان البرلمانية

أوسي موح الحسن الثلاثاء 16 أبريل 2024
No Image


تنافس غير مسبوق  تشهده الدورة الربيعية الحالية حول رئاسة اللجان البرلمانية الدائمة بمجلس النواب . لا يتعلق الامر فقط بتهافت بين أعضاء الفريق البرلماني الواحد بل بين الاحزاب السياسية فيما بينها في صراع أشبه بحرب المواقع.

فاضافة الى عضوية مكتب مجلس النواب الذي يحسم عادة بين الأحزاب بالتوافق بين الأحزاب السياسية من الأغلبية أو المعارضة, طفى على السطح مع انطلاق الدورة البرلمانية الحالية تجادبات بين الأحزاب لن يتم الحسم فيها الا باللجوء الى التصويت.

فاذا كان المعلن هو تمثيل الحزب في لجنة ما لاظهار حضوره بشكل أكبر في العمل البرلماني, فان هناك دوافع أخرى مسكوت عنها.

 

7000 درهم كتعويض وسيارة فارهة

 التعويضات السمينة قد تقف وراء التنافس, فقد كشف مصدر برلماني أن رئيس لجنة برلمانية يتلقى تعويضا عن مهمته يقارب سبعة آلاف درهم, وتنضاف الى راتبه الأصلي عن صفته التمثيلية وهو عبارة عن تعويض شهري يقدر ب 36 ألف درهم، كانت تقتطع منه إدارة البرلمان 2900 درهم شهريا، كقيمة المساهمة في صندوق التقاعد قبل الغائه، وتقتطع منه أيضا 900 درهم للتأمين, ومنها في غالب الحالات كذلك مساهمة البرلماني لدعم حزبه ماليا، والتي تتراوح بين 3000 درهم إلى 5000 درهم شهريا”.

وتوضع رهن اشارة النواب خارج الرباط والدار البيضاء فنادق من فئة 4 نجوم، يبيتون فيها يومين أو 3 أيام في الأسبوع لحضورالجلسات واجتماعات اللجان, اضافة الى أن البرلماني له الاختيار بين التنقل برا، حيث تمنح له  بطاقة الوقود تحسب بالكيلومتر، أو التنقل جوا عبر الطائرة, الى جانب توفير هاتف من النوع الرفيع ومكالمات غير محدودة. كما يتلقون عن المهام خارج أرض الوطن تعويضا قدره 2500 درهم عن كل يوم .

والى جانب كل تلك الامتيازات التي تمنح لكل ممثل من ممثلي الأمة, فان رئيس لجنة برلمانية وأعضاء مكتب مجلسي النواب والمستشارين، ورئيس الفريق البرلماني تمنح لهم سيارات فارهة من نوع   BMW 5. تلك  الامتيازات والتعويضات لا شك أنها تسيل اللعاب, وقد تبرر  التسابق لشغل تلك المهمات داخل أجهزة المؤسسة التشريعية.

فحسب الدكتور عبد الغني العماري أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالجديدة فان "تلك "التعويضات المهمة والسمينة للرؤساء قد تكون وراء التسابق حول المصالح والامتيازات", كما "تمكن العضوية ورئاسة لجنة ما من ربط علاقات مباشرة مع الوزراء وأيضا مساءلتهم ", لكن دون اغفال أن "العمل داخل اللجان يعطي اشعاعا أكبر للحزب" . يضيف الأكاديمي العماري.

No Image

‘‘صراع مواقع‘‘ و‘‘بريستيج‘‘

تبحث بعض الأحزاب السياسية عن تلميع صورتها من ذلك الجانب. وفي هذا الصدد يعتبر  الدكتور رشيد لبكر أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة أبا شعيب الدكالي بالجديدة , أن " تسابق الأحزاب للظفر برئاسة اللجان, أمر طبيع لأن عملها يظهر أكثر من خلال ترؤس تلك اللجان", مضيفا أن "اللجنة التي يكون انتاجها جيدا يحسب الى ذلك الحزب وبالتالي فنشاط الحزب  الحزب وفعاليته تظهر بشكل جلي في رئاسته اللجنة" .

من جهة ثانية يؤكد الدكتور لبكر أن "مقياس حضور الحزب داخل البرلمان يظهر من خلال  أشغال تلك اللجان وليس فقط في جلسات المساءلة الاسبوعية,لأنها هي المكلفة بمناقشة مشاريع ومقترحات القوانين قبل احالتها على الجلسة العامة, ودرورها مهم وحيوي". ولهذا فان "الحزب الذي لا يترأس أية لجنة لا يكون حضوره ملحوظا " يؤكد استاذ علم السياسية رشيد لبكر.

لكل ذلك فان " صراع المواقع أشد من صراع البرامج والمقترحات", كما يؤكد عبداللطيف مستكفي أستاذ القانون الدستوري و العلوم السياسية بجامعة

الحسن الثاني بالدار البيضاء, و"ويبرر "التنافس الخفي حول رئاسة اللجن والفرق البرلمانية". حسب الباحث ذاته.

No Image

ويشير الدكتور مستكفي أنه "إذا كان المشرع المغربي يحيل على القانون الداخلي للبرلمان فيما يتعلق بانتخاب الهياكل البرلمانية (رئيس المجلس ومكتب المجلس ورؤساء اللجن) بالاستناد إلى منطوق الفصل 62 من الدستور المغربي الذي يشير إلى أن عملية الانتخاب تجري في مستهل الولاية التشريعية ويتم التجديد خلال الدورة الربيعية من السنة التشريعية الثالثة، فإن الأمر لا يخلو من صراعات يتم اللجوء معها إلى حل التوافق".

وتمكن بواعث هذا التنافس حول رئاسة اللجن في نظره إلى "دلالات رمزية وأخرى سياسية", وتتمثل الدلالات حسب مستكفي في أن "صراع الزعامة الحزبية وعضوية الهياكل المقررة داخل الحزب تمتد على مستوى المؤسسة البرلمانية وهذا ما يفسر احتدام الصراع والسباق بدء برئاسة المجلس مرورا برئاسة اللجن والفرق البرلمانية وانتهاء بعضوية مكتب المجلس واللجن". فيما تتمثل  الدلالات السياسية في أن "صراع الظفر برئاسة اللجن بين برلمانيي الحزب        لا يخلو من صراعات تندرج في إطار صراع المواقع الحزبية والسياسية،", بل انها في نظره "عملية أشبه بإعداد سيرة ذاتية حزبية تشكل دعامة في الترقي في سلم الدرجات الحزبية والسياسية". ولهذا يخلص أن الأحزاب تسعى إلى "إسناد رئاسة اللجن البرلمانية لشخصيات تتوفر فيها شروط الماضي النضالي والتمرس السياسي وجودة التواصل".

 للاشارة, فقد اضطر الطالبي العلمي رئيس المجلس لتأجيل جلسة عمومية لتقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة من طرف عزيز أخنوش, واضطر أيضا لتأجيل اجتماعا كان سيخصص للتوافق حول تشكيلة مكتب مجلس النواب تم تأجيله بسبب عدم حسم فريق الأصالة والمعاصرة للائحة الأسماء التي ستمثله داخل المكتب واللجان النيابية الدائمة، في وقت يسعى فيه فريق الأصالة والمعاصرة للحصول على منصب نائب ثاني لرئيس مجلس النواب والتخلي عن منصب المحاسب لفريق التقدم والاشتراكية، وهو ما يرفضه هذا الأخير.

وإذا تم اعتماد التمثيل النسبي فإن مكتب مجلس النواب المكون من 13 عضوا بالإضافة للرئيس، سيجعل من المعارضة ممثلة بثلاثة أعضاء فقط، ما يعني أن نيابة الرئيس ستكون من نصيب الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية فيما سيتم إبعاد فريق التقدم والاشتراكية عن النيابة ومنحه محاسب للمجلس. ويتشبت الفريق الحركي بالاحتفاظ برئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان رغم محاولات الفريق الاشتراكي انتزاعها منه، ولا يستبعد اللجوء الى التصويت لحسم الخلاف .