سياسة "جوج وجوه" !

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 01 أبريل 2024
IMG_1078
IMG_1078

في "دوزيم"، يبثون هذا الشهر الفضيل مسلسلا يحمل عنوان "جوج وجوه".

لا أدري من أوحى لدوزيم بالتسمية، لكنه فعلا "جابها لاصقة"، وجعلها تندرج ضمن مسلسلات رمضان الواقعية، وليس التلفزيونية، لأنها تزامنت مع اندلاع قضية خطيرة تتعلق باتهامات حرب الولاء المزدوج، أو مايسميه المغاربة "جوج وجوه"، تفجرت في حق أسماء وازنة، مما سينظر فيه القضاء، وسيرى إن كان صحيحا أم لا.

نحن لن نتسرع، ولن نسبق حكم القضاء، وسنحترم، كعادتنا، قرينة البراءة إلى أن تثبت الإدانة من عدمها، في حق من وردت أسماؤهم في هذا الاتهام الخطير، لكننا نستطيع أن نقول باطمئنان، إنها كانت معركتنا منذ بدء البدء، إذ ظللنا وباستمرار أصحاب وجه واحد يؤمن بهذا البلد خطا تحريريا مقدسا، ويحذر دوما من حاملي الأقنعة المتعددة.

بقينا نردد منذ سنوات عديدة إننا يجب أن نقطع مع "التريكة" التي تقول لنا إن "المغرب هو أجمل بلد في العالم"، فقط حينما تكون مستفيدة، وفي مواقع القرار، وفي مناصب المسؤولية، أي عندما تكون "ماخصها حتى خير"، لكن التي تنقلب على البلاد والعباد 360 درجة، حين يتم الاستغناء عنها لهذا السبب أو ذاك، أو حين يقال لها "شكر الله سعيك، وعسى ألا نراكم مجددا في شيء سيء مما تعودتم اقترافه"، فتشرع - فجأة وبغتة ودون سابق إنذار أو إشعار - في تسويد وجه البلد، وفي رسم الصور المظلمة عنا جميعا، وفي محاولة إقناعنا أننا نعيش في أسوأ مكان في الكون.

لحسن الحظ شعبنا لديه تلقيح قديم ضد هاته الأوبئة، وضد هاته الميكروبات.

وهذا التلقيح إسمه الوسطية، فهو لايؤمن بمن يبالغ في التطبيل كذبا، ولا يؤمن بمن يبالغ في العدمية كذبا.

شعبنا شعب حر، لذلك يستحيل أن يكذب عليه أحد، وعندما تظهر طفيليات مرتزقة مثل المدعو " ادريس فرحان" (الذي فجر كل هذا الكلام) أو غيره _ وغيره كثير _يحتقرها شعبنا، ويلقي عليها وهو يشاهدها كثيرا من رذاذ الفم الذي يعبر به عن استصغاره لها، وعن عدم قدرته على رؤيتها لأنها لاتظهر له لا بالعين المجردة، ولا بالمجهر.

كائنات مثل هاته، من الملاكم النصاب الطامع في المال فقط المسمى زكريا، حتى المذيع المنافق الذي كان يقول لنا في النشرات الرئيسية علنا عكس مايضمره سرا المسمى الراضي، مرورا بالبقية، هؤلاء، مكانهم مزابل التاريخ إن تذكرتهم، وتعامل شعبنا معهم هو الاحتقار، فقط لاغير.

إلى هنا لا إشكال، فقد تعودنا في المغرب أن نعامل الخونة بما يليق بهم حقا منذ القديم.

المشكل يبدأ عندما يتورط عقلاء، أو من كنا نحسبهم عقلاء في الاستعانة بأصدقاء السوء هؤلاء لتصفية الحسابات الحقيقية أو الوهمية، أو لتمرير الرسائل، أو لبقية الأغراض الأخرى.

هنا ندخل منطقة الالتباس الخطيرة التي نحذر منها دائما، التي تسمى "جوج وجوه"، وهي منطقة التباس لايخرج منها الداخل إليها سالما أبدا، مهما استطاع خداع بعض الناس الوقت كله، أو خداع كل الناس بعض الوقت.

في أغنيتهما الجميلة "نايكي"، يقول مغنيا الراب "ديزي دروس وستورمي": "قهرتونا بحب الوطن وطلعتو ولاد اللقطاء".

لا أدري لماذا تذكرت هذا المقطع البليغ الذي أبدعه فنانات متميزان في "الراب" المغربي، وأنا أتابع مسلسل "جوج وجوه" هذا.

المسلسل الحقيقي أقصد، مسلسل السياسة، وليس مسلسل التلفزيون، الذي لم أشاهد منه إلا بعض اللقطات...