ننتظر الصواب من فرنسا

حكيم بلمداحي الاثنين 25 مارس 2024
No Image

عاد سفير فرنسا في المغرب كريستوف لوكورتيي ليؤكد الانفراج في العلاقات المغربية الفرنسية، وقرب الدخول إلى مرحلة جديدة، في العلاقات، تقوم على التوازن و الاحترام المتبادل ومواجهة التحديات المشتركة.

السيد كريستوف لوكورتيي تحدث،في ندوة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بالرباط، يوم الخميس الماضي، عن سعادته بكون حكومة بلاده تنهج سياسة تهدف إلى التقارب مع المغرب وإصلاح أخطاء الماضي.

وفي حديثه عن قضية الصحراء أعاد السفير الفرنسي الحديث عن أهمية قضية الصحراء بالنسبة للملكة المغربية، وقال إن فرنسا تعي جيدا بأن الصحراء قضية وجود بالنسبة للمغرب.

كلام سفير فرنسا في الرباط يعني أن فرنسا التقطت الرسالة وفهمت الخطاب الملكي الذي شدد على أن قضية الصحراء هي النظارة التي ينظر من خلالها المغرب لعلاقاته مع دول العالم.

تصريحات السفير الفرنسي في المغرب تأتي لتتماشى، أو تكمل، ما سبق لوزير الخارجية الفرنسية أن عبر عنه خلال زيارته للمغرب قبل أسابيع، والتي قال خلالها إن فرنسا تدعم المملكة المغربية في قضيته الأولى. كما أن تصريحات السفير الفرنسي، تساير أيضا التعبيرات السياسية التي ظهرت في فرنسا في السنوات الأخيرة والتي تطالب بموقف متقدم من فرنسا في قضية الصحراء المغربية.

الموقف الذي يريده المغرب من فرنسا ليس سوى الإنصات لصوت الحق والعدل والانتصار للوحدة الترابية المغربية بكل الوضوح التام.. هذا الأمر يتطلب اعترافا صريحا وواضحا بمغربية الصحراء،وانضمام فرنسا إلى البلدان التي أنصفت المغرب واعترفت بحقه في وحدته الترابية.

قد تكون فرنسا في موقف الباحث عن توازنات في علاقاتها في المنطقة، وهذا شأنها، لكن عدالة القضية المغربية وحق المملكة المغربية في ممارسة سيادتها على أراضيها، لا يقبل أي مساومة و لا يحتمل أي استعمال أو استغلال بأي شكل من الأشكال.. فقضية المملكة المغربية عادلة بالقانون وبالتاريخ والجغرافيا.. وفرنسا تعرف أكثر من أي بلد آخر هذا الأمر، خصوصا وأنها تمتلك أرشيفا يؤكد بالملموس وبالحجج المادية عدالة القضية المغربية ومغربية الصحراء.

اعتراف فرنسا الصريح والتام بمغربية الصحراء، سوف يكون أساسيا وحاسما.. وهو أمر، على كل حال دو أبعاد ديبلوماسية وسياسية، أما الصحراء فهي في مغربها والمغرب في صحرائه..
خروج فرنسا من الموقف الرمادي سوف يكون له عدة إيجابيات وسينقل العلاقات المغربية الفرنسية إلى مستوى متقدم جدا على كل المستويات اقتصاديا واستراتيجيا.

فرنسا تعي جيدا أهمية المغرب، وعلاقة فرنسا بالمغرب على عدة واجهات شاهدة على هذا الأمر، وتطويرها سيكون له إيجابيات خصوصا في ما اعتبره السفير الفرنسي تحديات مشتركة.

وعلى الرغم من فترة الفتور التي عرفتها العلاقات الفرنسية المغربية في السنوات الثلاث الأخيرة، فإن الإحصائيات وتراكمات العلاقات بين البلدين تبين بالوضوح ما اعتبره السيد كريستوفر لوكورتيي بأخطاء الماضي. ففرنسا تأتي في المرتبة الثانية في قائمة موردي المغرب، خلف اسبانيا.. والصادرات المغربية لفرنسا عرفت تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة.. فرنسا أيضا تتصدر قائمة المستثمرين الأجانب في المغرب، ويوجد في المغرب أكثر من 900 فرع منشآت فرنسية ، والمغرب يوجد في المرتبة الأولى في الاستفادة من تمويلات الوكالة الفرنسية للتنمية، وفرنسا أكبر المقرضين للمغرب، والسياح الفرنسيين يأتون في المرتبة الأولى من حيث السياح الأجانب الوافدين على المملكة.. إضافة إلى كل هذا هناك علاقات على عدة أصعدة وقطاعات ومجالات يكون لفرنسا الأولوية والسبق.

كل هذه المعطيات الاقتصادية والثقافية تبين أهمية المغرب لفرنسا وأهمية فرنسا للمغرب. كما أن الدينامية التي يشهدها المغرب خصوصا في مجال تطوير علاقاته وتنوعها خصوصا في إفريقيا، يجعل المغرب مفتاحا لفرنسا في عدة مجالات.

المصلحة إذن مشتركة والربح أكبر في تطبيع العلاقات وتطويرها.. لكن هناك قواعد لابد من التشبث بها، وقد قالتها فرنسا الرسمية وفرنسا النخب: قضية الصحراء قضية وجود بالنسبة للمغرب، والوجود سابق عن المصلحة طبعا.