مريم شديد.. المغربية التي غرست العلم الوطني في عمق جليد القطب الجنوبي

أحداث.أنفو الجمعة 08 مارس 2024
No Image

هي أول باحثة عربية تطأ قدماها القطب المتجمد الجنوبي، حيث غرست العلم المغربي في عمق الجليد. إنها مريم شديد ابنة الدار البيضاء التي ولعت بعلم الفلك عندما كانت في الثامنة من عمرها وأصرت على تحقيق حلمها، إذ أصبحت أستاذة في هذا الاختصاص بجامعة نيس الفرنسية وشاركت ببناء أكبر المراصد الفلكية في العالم.

بداية شغفها وتعلقها بمجال الفلك مرده إلى كتاب أهداها إياه أخوها عن الجاذبية باللغة الفرنسية، ورغم حداثة سنها آنذاك، إلا أنها أحست بانجذاب غريب إلى هذا العالم المثير.. عالم النجوم، والأحلام المضيئة.

حصلت خلال مسيرتها الدراسية على إجازة في الفيزياء من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ثم انتقلت إلى فرنسا لتلاحق حلمها ونالت دبلوم الدراسات المعمقة في علم الصورة في العلوم الكونية عام 1993، وبعدها بثلاث سنوات حصلت على الدكتوراه من جامعة نيس بدرجة مشرف جدا، عن أبحاثها التي اكتشفت فيها موجات الصدمة، التي تفوق سرعتها الصوت في النجوم المتغيرة، وشرحت أصلها.

حلم يتحقق

تحدت الصعوبات وحصلت على دكتوراه بامتياز في علم الفلك بفرنسا، وجرى اختيارها في أول فريق دولي يسافر إلى تشيلي لإقامة أكبر تلسكوبات في العالم.

في عام 2002 عادت إلى فرنسا ليتم اختيارها برتبة عالمة فلك وطنية، وهي رتبة يحصل عليها اثنان كل عام من بين أكثر من 300 مرشح، وعلى إثر تعيينها بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي مهندسة فلكية، والذي يضم أضخم التلسكوبات، رغم أنه لم يكن متاحا إلا لعلماء الفلك الحاملين لجنسيات أوروبية وأمريكية ليعملوا ضمنه، وبهذه المناسبة قال زوجها عالم الفلك ومدير أبحاث المركز الوطني للبحوث العلمية، جون فيرنن: “أمر صعب جدا أن تفوز بوظيفة في القطاع العام، ويعتبر تحديا كبيرا بالنسبة للمرأة على وجه الخصوص لأنه في مثل هذا النوع من الأبحاث هناك وجود للرجال بنسبة 80 بالمائة، بينما النساء نسبتهم محدودة.”

المنعطف الهام في حياتها كان عام 2005 عندما تم اختيارها من قبل المؤسسة العلمية المعنية بأبحاث القطب الجنوبي “بول إيميل فيكتور” لكي تكون ضمن الفريق العامل في مشروع تنمية مستقبل القطب الجنوبي، من خلال مشاركتها في برنامج دولي يضم فرنسا، إيطاليا، أمريكا، استراليا لبناء مرصد عالمي كبير في القطب الجنوبي المتجمد.

وسام ملكي وجائزة في العلوم

خُلِّد اسم مريم شديد بين النجوم كأول عالمة فلك في العالم تصل في بعثة فلكية إلى قلب القطب الجنوبي المتجمد، ولم يصل أي عربي هناك قبلها.

أرادت أن تضع شيئا عربيا يغرس في قلب القارة المتجمدة، ليحيي ذكرى من مرّوا هناك، فدفعتها روحها الوطنية وانتمائها لبلدها الأم أن تغرس علم المغرب في عمق الجليد، كأحد أصعب الأماكن صعوبة في الوصول إليه، وبرودة في العالم التي تهبط فيها الحرارة إلى 80 درجة تحت الصفر، رغم أنها ذهبت في مهمة استكشافية تمثل فيها المرصد الوطني الفرنسي.

لم يكن العلم المغربي الشيء الوحيد الذي حملته معها إلى رحلتها المتجمدة، بل أيضا نقلت معها ثقافة بلدها، وهيأت لزملائها طبقا من الكسكس المغربي والذي أثار إعجابهم رغم الظروف المناخية الصعبة التي كانوا فيها.

وترى شديد بأن العالم العربي يمكنه أن يساهم في تطور العلم على صعيد دولي، وأنه لا يقل شأنا عن باقي الدول الأخرى المشاركة.

أنجزت شديد الكثير من الاكتشافات الفلكية ونشرت أكثر من 100 دراسة في دوريات عالمية ولم تصل وقتئذ إلى سن الأربعين، وهو أمر نادر على المستوى العالمي.

وتتويجا لنبوغها العلمي الزاهر بالعطاءات، حصلت مريم شديد على جائزة المرأة العربية في العلوم من جامعة ريجنت في لندن سنة 2015، كما وشحها الملك محمد السادس بوسام ملكي تقديرا لجهودها، كما أدرجت مجلة “فوربس” اسمها كواحدة من بين العلماء الثلاثة الأكثر إثارة للاهتمام في العالم.