اقرأ..!

محمد أبويهدة الاحد 03 مارس 2024
LA LECTURE
LA LECTURE

وزعت وزارة التربية الوطنية مؤخرا جوائزها ضمن الدورة الأولى للمشروع الوطني للقراءة.

تصريح شكيب بنموسى بخصوص هذه الدورة حمل الحدث أكثر مما يتحمل عندما قال إن هذا المشروع يهدف إلى المساهمة في تنمية الوعي بأهمية القراءة وترسيخ الحس الوطني وإذكاء الشعور بروح الانتماء، من خلال تعزيز القيم الوطنية والإنسانية، وتحقيق النهضة التربوية، وتنمية قدرات المتعلمين من حيث تملك اللغات وتوسيع الثقافة العامة.

أهداف كبيرة ونبيلة ومهمة مثل ما صرح به الوزير، لا يمكنها أن تتأتى عبر مسابقة ثقافية كانت مثيلاتها تعج بها المؤسسات التعليمية ودور الشباب في سنوات سابقة عشناها وشاركنا فيها وتحمسنا إلى تكرارها مرارا ومرارا بلا مقابل ولا جوائز، اللهم التنافس على الفوز والتفوق.

التلميذ المثقف أو الأستاذ المثقف وغيرها من المسميات لا تعكس الواقع الذي نعيشه.

القراءة ليست فعلا مدرسيا فقط، هي فعل إنساني يترسخ في البيت أولا ثم المدرسة ثم داخل الوسط الاجتماعي.
لا يمكن أن تجعل من شخص قارئا بفعل الأمر «اقرأ». الأسر صارت تتمنى لو يقرأ أبناؤها فقط مقرراتهم المدرسية عسى أن ينهوا الموسم الدراسي بسلام فرحين بالملاحظة الشائعة: «ينتقل».

الاجتهاد يجب أن ينصب على التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، بالسؤال هل القراءة هي فعل تقليدي؟ أو بصيغة أخرى هل يمكن أن نقرأ بشكل آخر؟

التجارب مع التكنولوجيا الحديثة أثبتت أن عددا من الشبان انفتحوا على لغات جديدة بسبب الاستعمال المستمر لتطبيقات بالهواتف المحمولة (طبعا هذا ليس حكما قطعيا) ولكن يمكننا أن نجرب.

مهما كان شكل القراءة الجديد سواء ارتبط بالكتاب أو بأشكال أخرى من المكتوب، وبحاسة أخرى غير البصر، نطرح السؤال هل يفترض فعل القراءة شيئا مكتوبا كي نقرأه؟

إن محدودية القراءة لها أسباب غير ثقافية بالأساس، بل اجتماعية ومادية ونفسية أيضا، ذلك أن خلق الرغبة في القراءة لدى الشخص أصعب من توفير المقروء.

أساس خلق هذه الرغبة هو العادة ثم الحاجة. فالإنسان يقرأ لأنه اعتاد على هذا الفعل، أو لأنه في حاجة ماسة لذلك. وعدا ذلك كيف يمكن أن نخلق أشكالا جديدة لهذه الرغبة في انسجام مع تحولات العصر وتحدياته.

الهاجس البراغماتي من القراءة وهو المعرفة، يتم حاليا استخلاصه بأشكال أخرى، فقط سماعتان تنقلان المعلومات مباشرة إلى عقل المتلقي.

نقرأ كي نكتسب أسلوبا جميلا وجيدا، لكن من اليوم في حاجة إلى الكتابة أصلا، عدا المثقفين والمفكرين والكتاب...؟ الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يفي بالغرض.

فعل القراءة يفرض على المجتمعات تحديا كبيرا. عادة ما يقرأ الناس النصوص التي يحبونها أو تلك التي تغويهم. أصعب ما في فعل القراءة هو البداية. ستحتاج دائما إلى كاتب موهوب يتقن الغواية كي يستدرجك إلى مكتوبه.

في النهاية يقول المغاربة: المكتوب ما منو هروب! طبعا هذا هو المكتوب الوحيد الذي لا يمكن قراءته!