بلمداحي يكتب : الجزائر.. استمرار سياسة رد الفعل

حكيم بلمداحي الاثنين 26 فبراير 2024
No Image

تعامل العديد من رواد وسائط التواصل الإجتماعي، جزائريون بالخصوص، مع افتتاح معبر تيندوف بنوع من السخرية والازدراء، ناعتين المعبر بالخاسر قبل اشتغاله.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ ولد الغزواني افتتحا في منتصف الأسبوع الماضي معبرا يربط تيندوف بالزويرات، يعتبره متتبعون لشأن المنطقة رد فعل على نجاح معبر الكركرات التي يربط المملكة المغربية بالجمهورية الموريتانية.

معبر تيندوف لاشك أنه يدخل في إطار سياسة رد الفعل التي ينهجها حكام الجزائر منذ سنوات، وهي سياسة تقوم أساسا على بدل كل مجهود، ديبلوماسيا كان أو اقتصاديا، لمعارضة المصالح المغربية.

أن يقيم حكام الجزائر معبرا في تيندوف ليس بالمهم بالنسبة للمغرب وليس بالمؤثر، بقدر ما يمكن اعتباره عملا يحفز على تجويد الخدمات والأساليب التي تقوم عليها التجارة والحركة البشرية والإنسانية بين شمال إفريقيا وجنوبها وأوروبا عبر معبر الكركرات، وأيضا عن طريق البحر.. لكن المنطق السليم يستدعي طرح سؤال كبير يمكن أن يكون جوهريا لو كانت النوايا صافية، ألم يكن فتح الحدود وتطبيع العلاقات بين بلدان المغرب الكبير أهم وأفيد للمنطقة ككل؟ طبعا الجواب كبير هو الآخر لكن بمعنى الخطيئة، فعقيدة تقوم على الرغبة في الاستحواذ وادعاء القوة ونية القيادة التي هي جوهر إيمان العسكر الجزائري، لا يمكن أن تسمح سوى بما يقترفه هذا النظام من كبائر في حق الجزائر وفي حق البلدان المغاربية ككل.

لا يمكن لأحد أن يعارض مدى أهمية كتلة اقتصادية وبشرية ومجالية مغاربية في تنمية شعوب المنطقة ودولها، وفي خلق قوة مغاربية يكون وزنها ثقيلا في العلاقات الدولية. لكن للحماقة ناسها، إلى درجة اللجوء إلى خلق بروباغوندا واسعة من أجل معبر لا يستطيع أن ينافس حتى نفسه.

لقد اشتغل حكام الجزائر قبل سنوات على محاولة خلق توتر شديد في معبر الكركرات، وجندوا أشخاصا لتخريب الطريق والقيام بأعمال قطاع الطرق، لكن السحر انقلب على الساحر وتحولت أزمة معبر الكركرات إلى حدث ساهم في خلق وعي لدى المنتظم الدولي بحقيقة النزاع حول الصحراء المغربية، وعرف الناس أنه نزاع مفتعل يقف خلفه حكام الجارة المغربية الشرقية.

قصة المعابر هي الأصل في كل ما يجري. العسكر الجزائري لا يهمه مصير الصحراويين ولا مصلحتهم، بقدر ما يهمه خنق المغرب وفصله عن جذوره الإفريقية، ومن هنا جاءت فكرة الجمهورية الوهمية التي أطلقها معمر القدافي واستثمر فيها هواري بومدين واستمر في ذلك النظام الحاكم في الجزائر.. اللعبة مكشوفة ويعرفها كل متتبع لما يجري في المنطقة، ولكل عارف بدهاليز الجيواستراتيجية وطرق الاشتغال عليها على جميع المستويات.

لسوء حظ النظام الجزائري، فكل حساباته تسقط في يده فاشلة.. وسياسة رد الفعل التي ينتهجها لمواجهة المملكة المغربية، في الغالب ما تكون ضد هذا النظام،وللأسف ضد مصالح الشعب الجزائري.. لقد ربح المغرب معركة الكركرات ومن خلالها ربح ثقة الدول الإفريقية جنوب الصحراء من خلال علاقات اقتصادية أساسها الاحترام والربح المشترك.. كما ربح المغرب قضية الصحراء سواء على مستوى عدد البلدان التي سحبت الاعتراف بالجمهورية الوهمية، أو من خلال البلدان التي أقامت تمثيليات قنصلية في الأقاليم الجنوبية المغربية، أو من خلال الاعتراف الواضح والصريح لمغربية الصحراء من قبل البلدان الكبرى المؤثرة في ملف الصحراء بمجلس الأمن. كما أن صورة المغرب في تحسن مستمر وعلاقاته الاقتصادية تعرف تنوعا وازدهارا واعدا، خصوصا في المجال الإفريقي... عكس ذلك يواصل نظام الحكم في الجزائر في حصد الخيبات والعمل على دفع الجزائر نحو تقهقر مبين.. لقد كانت الجزائر رائدة في عدة مجالات في المنطقة، وكان من الممكن أن تتطور، لكن سياسة الحمق العسكري اختزل كل المواضيع في نصب العداء للمغرب وتربية أجيال من أبناء الجزائر على هذه العقيدة، في حين لا عدو للجزائر أكبر من نظامها.