عنف مدرسي.. ‘‘التحدي‘‘ تقتحم الأسوار لتغيير المسكوت عنه

سكينة بنزين الاثنين 19 فبراير 2024


«رسمنا لأنفسنا استراتيجية تقوم على تغيير العقليات، لذلك لا نكتفي بالعمل داخل المقرات، ولكننا نتواجد ميدانيا من خلال أنشطة مكثفة داخل المؤسسات التعليمية، لنشر قيم المساواة والتسامح و نبذ العنف »، تقول بشرى عبدو، في تصريح لموقع "أحداث أنفو" أوضحت فيه أن الرهان الأساس، هو تنشئة جيل جديد يشكل النواة الأولى لأسرة المستقبل، كخطوة طموحة لبناء أسرة قوية ،متماسكة ومنسجمة بعيدا عن مظاهر العنف والتمييز.

مشعل التغيير

وأضافت عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن العمل داخل المؤسسات التعليمية بكل مستوياتها، من الابتدائي وصولا إلى الجامعات والمعاهد العليا ومؤسسات التكوين المهني، يساهم في محاربة الرواسب التي كونت عقليات تتقبل العنف واللامساواة، بسبب التنشئة داخل الأسرة، ولغة الشارع، ورسائل الإعلام السلبية، مؤكدة أن هذه الطريقة، تضع مشعل التغيير بين يدي الجيل الجديد، «وهذا ما نلمسه عند كل لقاء لنشر ثقافة مناهضة العنف، ذلك أن القناعات التي نقف عليها بداية الورشة لا تشبه نهايتها، فعند البداية، نلاحظ أن 99 في المائة من التلاميذ يعتبرون أن العنف وسط الأسرة أمر عادي، وذلك بسبب التربية التي تطبع مع سلطة الرجل سواء كان أبا أو أخا، ما يجعل الجميع يتقبل ثقافة اللامساواة بدون وعي.»

وكشفت الناشطة الحقوقية، أن الرهان على الناشئة بدأ منذ 15 عاما، عندما اختارت جمعية التحدي الاشتغال مع اليافعين، كفئة يغفل البعض التواصل معها، ما يساهم في بقاء العقليات على ماهي عليه، ويعمق الواقع الحالي الذي يعيد صناعة نفسه في ممارسات الجيل الجديد الذي يستمر في إعادة صياغة سلوكيات العنف واللامساواة والحكرة التي تربى عليها داخل الأسرة، وأوضحت عبدو أن السنوات الأخيرة عرفت تكثيفا أكثر للعمل داخل المؤسسات، بعد ما لمسته الجمعية من تراجع في عدد من القيم بسبب خطاب الكراهية والعنف الذي ساهمت مواقع التواصل وبعض المؤثرين في نشره بين صفوف التلاميذ، وهو ما جعل الحاجة ملحة اليوم لزيادة المواكبة والعمل الميداني باستمرارية داخل المؤسسات لتغيير العقليات.

ضد الحكرة

واعتبارا لأهمية التثقيف بالنظير التي تساهم في جعل التلاميذ مصدر تغيير بين صفوف أقرانهم، انخرطت جمعية التحدي في مشروع سفيرات وسفراء النوع الاجتماعي بأربعة مقاطعات، لتكوين 25 تلميذة وتلميذ عبر عدة دورات تكوينية تعرفهم بعدد من المفاهيم التي همت الذكورة الإيجابية، ثقافة المساواة، مضامين المواثيق الدولية،وطرق تنشيط الدورات لمخاطبة أقرانهم، ما أسفر عنه تأسيس أندية تحدي ومواطنة داخل بعض المؤسسات لحمل مشعل التغيير، وهو ما وصفته عبدو بأنه « رهان على رمي بذور التغيير حتى يجني الجيل القادم ثمارها » ، مشيرة أن التفاعل يكون أكثر بين صفوف الإناث، لأنهن الأكثر شعورا بالحكرة نتيجة العنف الممارس عليهن داخل الأسرة والشارع.

بالمقابل يحمل التلاميذ الذكور رواسب تنشئة اجتماعية، ترى في العنف أمرا عاديا، حيث يعتقد التلميذ أن ضرب المرأة من الرجولة، وخدمة شقيقته له أمر عادي وفق تربية الأسرة عموما والأم خاصة، وهو ما يعمق حمولة مجتمعية ترى عبدو أنه «من الواجب العمل على تغييرها وإخراجها من دائرة المسلمات، خاصة في ظل خطر العنف الرقمي الذي كنا سباقين للتنبيه منه والتعريف به والتوعية بطرق الوقاية منه بين الشباب واليافعين منذ سنة 2012».

وأوضحت عبدو أن خطر العنف الرقمي اليوم لا يستثني أحدا، سواء كان المعني ذكرا أو أنثى، إلا أن تداعياته على المرأة أكبر، وصعوبة التعامل معه ترتبط بتغلغل التكنولوجيا في حياتنا اليومية، سواء كان الأمر من خلال التعامل مع تطبيقات للترفيه، أو استعمال الحاسوب للعمل اليومي، ما يتطلب حسب رئيسة جمعية تحدي للمساواة، التصدي للأمية الرقمية، ورفع الوعي بضرورة الحماية الرقمية، والتكتم بخصوص المعلومات السرية، والحذر من أجواء غياب الثقة التي تسقط الكثير من الضحايا في شباك العنف الرقمي بكل تفاصيله البشعة.