​​​​​​​أخلاق السياسة

محمد أبويهدة الخميس 08 فبراير 2024
No Image

AHDATH.INFO

قبل ست سنوات توجه جلالة الملك إلى المسؤولين والسياسيين وخاطبهم «اتقوا الله في وطنكم». كان ذلك في خطاب العرش لسنة 2017.

الرسالة الأخيرة، التي وجهها جلالة الملك، في يناير الماضي، إلى الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، ليست هي الرسالة الوحيدة التي يؤكد فيها جلالته على بعض الضوابط الضرورية التي توجه المهام البرلمانية التي يضطلع بها ممثلو الأمة.

فقد حفلت العديد من الخطب الملكية بإشارات إلى السياسيين تهم تدبير الشأن العام والتفاعل مع قضايا المواطنين والدفاع عن المصحلة العليا للبلاد.

فهل يحتاج ممارسو السياسة مثل هذا التذكير كل حين؟

خلال افتتاح السنة التشريعية هذه السنة كانت الرسالة واضحة مرة أخرى، وتخص دور البرلمان في إشاعة وتجسيد القيم العريقة. وفي خطب أخرى كانت الرسائل تهم سلوك السياسيين حسب السياقات الوطنية، بل إن جلالة الملك تساءل في خطاب العرش لسنة 2017 «ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد والشعب وهمومه في واد آخر؟». وعاتب المسؤولين والسياسيين على عدم مواكبة تطلعات المغاربة، وخاطبهم قائلا «اتقوا الله في وطنكم».

الذكرى التأسيسية للبرلمان كانت مناسبة مرة أخرى كي يثير جلالة الملك بعض الضوابط الأساسية للعمل البرلماني والسياسي بشكل عام، وذلك عندما دعاهم إلى «ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية، وتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم، وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلا عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية».

النواقص العديدة، التي تطبع العمل السياسي ببلادنا، تهم جانبين أساسيين الأول يرتبط بالكفاءة، والثاني بالأخلاق.

على المستوى الأول، بات لزاما اليوم على الأحزاب السياسية أن تقدم كفاءات في مجالات مختلفة بإمكانها تقديم الإضافة على المستوى التشريعي والسياسي والمجتمعي، ولعل تردد الأحزاب في الدفع بشبابها والبحث عن أطر شابة وتعبيد الطريق لها لتبوء مناصب قيادية هو ما وضعها في هذا المأزق باستثناء فئة قليلة لم يكن تأثيرها واضحا في تسيير الشأن العام.

أما على مستوى الأخلاق السياسية للنخبة البرلمانية، فإن الكثير من المؤاخذات تثار في هذا الجانب لاسيما علاقة هذه الفئة من السياسيين بالمواطنين، الذين صوتوا عليهم وعلى الحزب الذي ينتمون إليه، بالإضافة إلى تورط عدد آخر في ملفات الفساد والاختلالات، وكذا الجمع بين العديد من المناصب التمثيلية في الجماعات والبرلمان أو في المجالس الإقليمية ومجلس النواب أو مجلس المستشارين واللجان التي لا يتذكر البرلماني نفسه أسماءها.

ميزان السياسة في حاجة ماسة اليوم إلى ضبط توازن كفتي الكفاءة والأخلاق.