يواصل العالم القروي تكبد عشرات الآلاف من مناصب الشغل كنتيجة لتوالي سنوات الجفاف. ففي تقريرها الأخير حول خريطة الشغل بالمغرب في سنة 2023، وقفت المندوبية السامية للتخطيط على فقدان الوسط الحضري ل200 ألف منصب شغل، وذلك مقابل إحداث 41 ألف منصب فقط. هذه التطورات كان لها انعكاس قوي على نسبة البطالة التي ارتفعت إلى 13 في المائة، وذلك مقابل 11.8 في المائة خلال سنة 2022.
يتعلق الأمر بتطور جد مقلق، لاسيما أن المغرب بالنظر إلى المشاريع التي أطلقها بحاجة إلى اليد العاملة على حد قول إدريس الفينا، الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد العالي للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، لافتا في تصريح لموقع "أحداث أنفو" إلى أن حجم الصفقات العمومية والاستثمارات العمومية، أخلف الموعد فيما يخص إحداث مناصب الشغل.
إذا كان العالم القروي قد فقد 200 ألف منصب شغل، فهذا لأن هناك سنوات متتالية من الجفاف، فضلا عن الاستعمال المتزايد للمكننة من طرف الضيعات الكبرى،وهو ما يمثل خطرا على مستوى الهجرة القروية، يضيف المتحدث ذاته، متسائلا عن مدى استعداد الوسط الحضري، مع مايعانيه من مشاكل كبيرة، لاستقبال أفواج المهاجرين من القرى.
"لكن ما لا أستسيغه هو حجم البطالة الذي وصلنا إليه في الوقت الذي أطلقت الدولة مشاريع كبرى" يبرز الفينا، مضيفا أنه بالنظر إلى حجم الصفقات المطلقة وكذلك إلى الغلاف المالي المخصص للاستثمارات العمومية، 300 مليار درهم في 2023، و350 مليار درهم في 2024، فإن المغرب يبدو في حاجة إلى اليد العاملة وليس العكس.
هذه المفارقة عزاه الخبير الاقتصادي ذاته، إلى أن الاستثمارات العمومية و دفاتر التحملات بالنسبة للصفقات العمومية، لاتشترط معيار إحداث فرص الشغل، وليس الاقتصار على الآلات كما هو الأمر بالعديد من الدول من قبيل الهند، بينما بالمغرب، فإن مختلف المشاريع تستغني عن اليد العاملة مقابل المكنننة.
"لا أتصور مثلا الاستعمال المبالغ فيه للآلات والمعدات في مشاريع إنشاء الطرق بالعالم القروي.. أين سيشتغل شباب هذا الأخير؟ وتعلمون المشاكل والأوضاع الصعبة التي تعيشها البوادي حاليا في ظل توالي سنوات الجفاف"، يسترسل الفينا.
المشكل الآخر الذي يعوق إحداث فرص الشغل، يتمثل في القطاع الخاص. هذا الأخير يعاني من ضغط ضريبي ومن تداعيات تراجع الاستهلاك وارتفاع التضخم، الأمر الذي أثر على طاقته التشغيلية ومن ثم على حجم استثماراته، يشيرالمتحدث ذاته.
يأتي ذلك في الوقت بدت مساهمة القطاعات غير الفلاحية جد محدودة فيما يتعلق بإحداث مناصب الشغل.
حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط، فإن المناصب المحدثة المحدثة في الوسط الحضري، فجاءت، أساسا،، نتيجة إحداث 31 ألف منصب شغل من خلال الخدمات الاجتماعية المقدمة للمجتمع،من قبيل التعليم، الصحة، العمل الاجتماعي، وذلك في مقابل إحداث قطاع الفنادق والمطاعم ل 21 ألف منصب شغل، بينما اكتفى قطاع الصناعة بما في ذلك الصناعة التقليدية بإحداث 7 آلاف منصب شغل فقط، توضح المندوبية، لافتة إلى أن فرع التجارة، فقد خلال السنة الماضية 74 ألف منصب شغل.