مذكرة لمنظمة النساء الاتحاديات تنبه الى الوضعية المقلقة للنساء الجبليات

الثلاثاء 26 ديسمبر 2023
No Image

خلدت منظمة النساء الاتحاديات اليوم الوطني للمرأة المغربية (10 أكتوبر) لهذه السنة، عبر الاحتفاء بنساء الجبل، والترافع في الآن نفسه من أجل حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وصاغت المنظمة مذكرة ترافعية اعتمدت منهجا تقاطعيا بين خطين، أحدهما عمودي مرتبط بوضع ساكنة المناطق الجبلية، وحظها من البرامج التنموية، والآخر أفقي مرتبط بانعكاس هذه الأوضاع على نساء الجبل، الأمر الذي يبين أن نساء الجبل يعانين إقصاء مزدوجا، الأول ذو طبيعة مجالية (الجبل)، والثاني من جهة النوع الاجتماعي (النساء).

وحسب المنظمة فانه, على المستوى العمودي المرتبط بالمجال، بينت الأدلة سواء المادية أو الإحصائية، أن مجال الجبل، متأخر في مخططات وبرامج التنمية عن باقي المجالات الأخرى، ومنها البنية الطرقية التي هي من عوامل تعميق عزلة هذه المناطق، حتى عن المجالات الحضرية القريبة منها، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على الاستفادة من خدمات أساسية في المجالين التعليمي والاستشفائي على سبيل المثال لا الحصر.

وأضافت المنظمة أن واقع العزلة يحد حتى من الاستفادة الكاملة من ثروات هده المناطق الفلاحية والمعدنية والمائية، وثمار اقتصادياتها الاجتماعية الفلاحية والرعوية والحرفية، كما يجعل أشكالا من الإنتاج الثقافي والفني مهددة بالاندثار مع توالي السنوات.

وأشارت في ذات الصدد أنه على المستوى الأفقي، المرتبط بأوضاع نساء الجبل، نبهت المنطمة الى المعاناة المركبة لهن،و أن النساء يظلن التعبير الأوضح عن تهميش هذه المناطق, وأنهن يشتركن مع الرجال في العديد من مظاهر الإقصاء الاجتماعي، والهشاشة الاقتصادية،لكنهن ينفردن بأشكال أخرى مرتبطة بالتمييز على أساس النوع الاجتماعي, وتظل النتيجة أن نساء الجبل هن الأكثر تضررا خاصة مع ارتفاع نسبة الوفيات أثناء الولادة، خصوصا أن أغلب المستوصفات إما لا تتوفر على الحد الأدنى من الخدمات أو الموارد الطبية المرتبطة بالتوليد أو أنها بعيدة عن مناطق عيش السكان.

وعلى مستوى التمدرس، ترتفع نسب الأمية والهدر المدرسي في صفوف النساء والفتيات، مقارنة مع الرجال والأطفال الذكور ( رغم أنه حتى نسبتها في صفوف الرجال غير مطمئنة)، ورغم بعض مجهودات الدولة التي لا يمكن نكرانها على مستوى تعميم التمدرس في العالم القروي، وخصوصا في أوساط الفتيات، فإن هيمنة الثقافة المحافظة واستشراء مظاهر الفقر يدفعان الأسر إلى وضع حد لتحصيل الفتيات الدراسي عند نهاية الطور الابتدائي في أحسن الحالات.

وعلى مستوى العدالة، فإن العديد من نساء الجبل يجدن صعوبة في الولوج للمرفق العمومي المرتبط بمختلف الخدمات القضائية، وتتعمق الصعوبات عند النساء الأرامل والمطلقات والمتقدمات في السن، وكذلك عند النساء الناطقات بالأمازيغية فقط. وفي بعض المناطق ما زال الاحتكام يخضع للأعراف المحلية التي تضيع في الكثير من الأحيان معها حقوق النساء (مثلا تحرم بعض النساء من حقهن الشرعي في الإرث إذا ما تزوجن من خارج القبيلة أو الدوار أو الأسرة).

وأكدت المنظمة أن هذه الأوضاع وغيرها كثير مما جاء في المذكرة الترافعية، يبين هشاشة وضع نساء الجبل، الذي ينعكس سلبا على التمكين الاقتصادي والسياسي لهن، رغم مساهمتهن الكبيرة إنتاج الثروة، بل يمكن القول إن مساهمتهن باحتساب العمل المنزلي، والمشاركة في أنشطة الفلاحة والرعي وتربية الماشية، ومختلف الأنشطة الحرفية التقليدية، يجعل مساهمتهن أكبر من مساهمة الرجال سواء على مستوى تنمية الثروة المحلية على ضعفها، أو على مستوى المحافظة على نمط العيش الخاص بالمناطق الجبلية، الذي يمكن اعتباره إرثا لا ماديا من شأنه تثمينه وتطويره أن يساهم في التنمية المحلية المستديمة.

ودعت المنظمة كل الجهات المعنية، وكل واحدة من موقعها، ليس فقط للاستجابة للمطالب المشروعة لنساء الجبل فقط، بل كذلك إلى إعمال كل آليات الحماية والتثمين لما تقوم به نساء الجبل من أدوار اجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية، حتى نتمكن من الارتقاء بالمناطق الجبلية إلى مصدر من مصادر إنتاج الثروة المادية واللامادية، وبناء ممكنات نمط خلاق من التنمية المستديمة المندمجة مع محيطها.

ومن أبزز توصيات المذكرة:

على المستوى التشريعي:

1) الاعتراف الرسمي بخصوصيات المجال الجبلي (وفصله عن المجال القروي) وتحديده تحديدا قانونيا واداريا.

2) الاعتراف بالجماعات الترابية ذات الطابع الجبلي وتعريفها وتحديد معاييرها.

3) إقرار قانون يمنح الجماعات الترابية ذات الطابع الجبلي امتيازات، او تمييزا إيجابيا، في إطار السياسات العمومية ليعوض عقودا من التمييز السلبي.

4) إقرار عدالة ضريبية تمكن الجبل من الاستفادة من عائدات ثرواته، (دراسة مقترح تسجيل الشركات في جماعات موطن الإنتاج: شركات الماء والمعادن والخشب والزيوت العطرية و...)

5) مراجعة مقتضيات الجهوية المتقدمة والجماعات الترابية، قصد الأخذ بعين الاعتبار التنوع المجالي الترابي في بلادنا (مناطق ساحلية وجبلية وواحية) ومراعاة خصوصياتها في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية والترابية.

على مستوى السياسات العمومية:

إعداد خطة وطنية لتنمية المناطق الجبلية والقروية، من أسسها :

تحقيق تدبير معقلن ومستدام للموارد الطبيعية

ربط البحث العلمي الأكاديمي بالتنمية عموما وتنمية المناطق الجبلية والقروية.

تقوية التنظيم الاجتماعي والسياسي والمشاركة المواطنة

مراجعة التشريعات بما يراعي التنوع والخصوصيات الطبيعية والاجتماعية والثقافية ويحقق المساواة ين النساء والرجال والعدالة المجالية.

و يمكن ان تكون بعض عناصرها كما يلي :

1) الاعتناء بالبنية التحتية

- وضع برنامج وطني استثنائي لفك حقيقي للعزلة عن المناطق الجبلية، لتمكين مواطنيها من الولوج الى مختلف الخدمات العمومية والخاصة، التي ترتبط بحقوقهم كمواطنين ومواطنات كاملي الحقوق، من خلال بناء شبكة طرقية، تتوفر فيها شروط الاستدامة، ومقاومة لعوامل التعرية والاندثار، دون ربط ذلك بالمؤشرات المعمول بها وطنيا (عدد الناقلات العابرة).

2) تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للنساء

- وضع برامج لتشجيع العمل التعاوني المنظم وخاصة النسوي.

- تثمين المنتوج الجبلي والقروي محليا وتخليص المنتجين والمنتجات من الاثار السلبية لتعدد الوسطاء.

- دعم المنتجين والمنتجات الجبليات والقرويات للمشاركة في المعارض الجهوية والوطنية.

- تمكين النساء من حقوقهن في أراضي الجموع الجبلية.

- تمكين ساكنة الجبل وخاصة النساء من الولوج الى التمويل الممنوح من طرف الدولة او المنظمات الأجنبية.

3) الارتقاء بالوضع الاجتماعي للساكنة وبالأخص النساء

- لقد اثبتت التدخلات القطاعية المنفصلة في الزمان والمشتتة في المكان، ضعف آثارها في المناطق المذكورة وعلى النساء بالخصوص، اللائي ظللن في الخلف من المسيرة التنموية والتحديثية التي تشهدها بعض الجهات، لذلك نقترح تدخلات مندمجة من قبيل:

إحداث المراكز الجماعاتية المندمجة التي يمكن أن تضم المدرسة، وحتى داخلية جماعاتية، والمستوصف، او قاعة التمريض، ومقر للمساعدة الاجتماعية، ومؤسسة للإدماج الاقتصادي (مثلا تنوب عن منصة الشباب ووكالة التنمية الاجتماعية و ومكتب تنمية التعاون ومساعد جماعي يسهل التواصل بين الجماعة والساكنة وملعب وقاعة متعددة الاستعمالات، للعروض والاجتماعات والفحوص ... )

إيلاء اهتمام خاص ومميز بالتعليم وتمدرس الجميع عبر:

- توفير تعليم اولي مبكر على مستوى كل الدواوير وليس فقط تلك المتوفرة على المدرسة.

- توفيركل المستلزمات في المدارس (مكتبات، ملاعب، ماء، الكهرباء، ...)

- تشجيع الأنشطة تربوية واجتماعية وثقافية موازية للأنشطة المدرسية، (برنامج اوراش)

- توفير فضاء جماعاتي للتكوين والتأطير في كل دوار (على غرار دور الشباب ودور الثقافة والنوادي النسوية في المدن)

- توفير نقل مدرسي آمن ومناسب ومؤطر (بفتح الهمزة) تربويا.

- الحرص على اتخاذ ما يكفي من الإجراءات لتأمين ووقاية وحماية التلاميذ وبالأخص التلميذات في فترات الفراغ (غياب الأساتذة، ثغرات استعمال الزمن، الفترة الفاصلة بين الحصص الصباحية والحصص الزوالية،)

- توفير دور طالبة مناسبة وكافية التأطير وذات جودة في الايواء والتغذية والترفيه والدعم التربوي.

- إعادة النظر في القوانين والمساطر المنظمة للمدارس جماعاتية مناسبة وكافية التأطير وذات جودة في الايواء والتغذية والترفيه والدعم التربوي مع مراعاة الحاجيات الخاصة للإناث.

- اعتماد التكوين المهني المكثف القصير المدى والمتنقل واقلمته مع الإمكانيات والحاجيات الجهوية والجبلية.

- تعميم المنح الجامعية على ابناء المناطق الجبلية والقروية وبالأخص الفتيات بغض النظر عن المستوى الاجتماعي للأسرة باعتبارها حق للطلبة (مع إمكانية اقتطاعها من الاسر الميسورة)

- احداث دور الطلبة وخاصة منها دور الطالبات وتوفير تأطير تربوي واجتماعي كاف بهما وفتحها امامهم اثناء اعداد واجتياز المباريات واعداد ملفات الشغل. وتشجيع انخراط المجالس الجماعية والاقليمية في هذه العملية.

تسهيل الولوج الى الصحة والعلاج والوقاية من الامراض

- توفير دور الامومة في كل مستوصف للولادة في المناطق القروية والجبلية

- توفير سيارات اسعاف خاصة بالحوامل تابعة لدار الامومة

- احداث فرق متنقلة لتتبع الولادات بدل تكليف اسر الدواوير النائية عناء وتكاليف التنقل.

العمل على تحسين فرص الولوج المتكافئ للعدالة

- تمكين المساعدات الاجتماعيات من الوسائل المالية واللوجستيكية لمواكبة نساء القرى والمناطق الجبلية المعزولة.

- اعتماد القضاء المتنقل

- اعتماد الدورات التحسيسية المتنقلة

- إعطاء المدارس أدوار تحسيسية وتكوينية لفائدة ساكنة الدواوير

- ضرورة توفير منظومة متكاملة لتمكين المرأة والفتاة ذوات الاعاقة من الولوج لمنظومة العدالة دون تمييز مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الاعاقة، كتوفير لغة الاشارة بجميع المحاكم بمترجمين محلفين، توفير الولوج المعماري الشامل بجميع المحاكم لذوات الاعاقة الحركية، توفير الولوج المعرفي لذوات الاعاقة البصرية خصوصا بالمواقع الالكترونية، توفير مكاتب استقبال ومواكبة خاصة بذوات الاعاقة، توعية وتحسيس المواطنات ذوات الاعاقة بحقوقهن وزرع الثقة لديهن في المنظومة القضائية.