نحن والعالم وعبرة كورونا في زلزال الحوز

يونس دافقير الاحد 17 سبتمبر 2023
No Image

AHDATH.INFO

زمن الموت بالجملة، عام 2020، انهارت قيم وروابط التضامن العالمي، كل قوة تواجه مصيرها بحثا عن خلاص فردي، ولو تطلب ذلك قرصنة أدوية وكمامات الآخرين.

يمكن لإيطاليا الجريحة مثلا أن تشهد على هول النكران والخذلان الأوروبي.

استخلصت الدولة الوطنية وشعوبها من محنة كورونا عبرة جوهرية؛ عليها مذ ذلك الحين فصاعدا، أن تعتمد على نفسها، وعليها أن تضع وباستمرار مقدراتها الوطنية موضع الإختبار ..

قدمت الجماعة الوطنية المغربية جوابا سريعا على هذا الإشكال الذي طرحه الوباء، في الأشهر الأولى التي تلت رفع قيود الحجر الصحي، كان العاهل المغربي من القادة القلائل، في النصف الجنوبي من الأرض، الذين أخذوا زمام مبادرة التفكير والعمل .

هذه الحاجة الملحة إلى توفير سبل "السيادة" الوطنية عبر مشاريع التقليل من الإرتهان لعالم غير موثوق لحظة خوفه هي ما أطلق الدعوات الملكية ألى الأمن الغذائي، الصحي، والطاقي..

يشكل مصنع بنسليمان للقاحات شاهد عصر على هذه المرحلة.

خلال أزمة كوفيد اكتشفنا قيمة "الدولة القوية" ووجود شبكة صلبة من المصالح العمومية، ولاحظنا أيضا ذلك الترابط بين الأمة وملكيتها، كانت جملة "ملك يضحي بالاقتصاد من أجل شعبه"، وبغض النظر عما إن كانت استثناء مغربيا أم لا، تعبيرا بليغا على هذا المنحى.

بدأت الدولة الوطنية تتلقى أولى تداريب الإعتماد على نفسها، ولم تمض غير أشهر قليلة حتى كان عليها أن تكون موضع اختبار جديد؛ في الحرب الأمريكية الروسية فوق الشق الأوكراني من التراب الروسي، عدنا إلى نفس إشكالات كورونا من دون أموات..

العناوين بارزة، أزمة الغذاء في السوق الدولية وخاصة الحبوب والزيوت...، وأزمة أخرى في سوق الطاقة، كان ينقص الجفاف فقط ليزداد الوضع تعقيدا. وهذه المرة لم تعد المشكلة في سوق البضائع فقط، في أسواق الديبلوماسية تمشي الدول كما لو أنها تتزحلق فوق شفرة حلاقة.

اختبرت الدولة الوطنية المغربية قدراتها من جديد، كانت تحت ضغط شعبي كبير بسبب التضخم وجنون الأسعار، في تلك المرحلة انهارت موازنات دول كما في لبنان وتونس.. وقلبت التحالفات الدولية الجديدة أنظمة الحكم في دول الهشاشة، وراحت دول "تبايع" بوتين من أجل القمح، وبايدن من إجل حزمة مساعدات ..

في ذكرى العرش ليوليوز 2023، افتتح العاهل المغربي خطابه مبتسما، قليلا ما فعل ذلك، في نفس الخطاب سيعلن بداية الخروج من أزمة التضخم، صحيح أنه أمضى زمن الأزمة الدولية مثقلا بالانتصارات الديبلوماسية، لكن الخروج بالاقتصاد من منطقة الزوابع المدمرة لا يقل أهمية.

وقدر الملك وشعبه أن يخضعوا باستمرار للاختبارات القاسية، في خطاب افتتاح البرلمان شهر أكتوبر 2021 تنفس الملك الصعداء وهو يبشر بمؤشرات اقتصادية ومالية جيدة لمغادرة أزمة كوفيد، بعد ذلك بزمن قصير، يقرر بوتين غزو أوكرانيا.

ولما كان مرتاحا في خطاب العرش 2023 لبداية الخروج من تضخم الحرب الدولية، جاء زلزال الحوز شهران بعد ذلك، ومرة أخرى كان على الجماعة الوطنية المغربية أن تختبر قدراتها الذاتية، وعلى الدولة أن تخضع قوتها للفحص.

هنا تحديدا، نفهم كيف تم تدبير مسألة المساعدات الدولية، لم يرفض المغرب يد العون، ولا تعامل بتعال وعجرفة، ولا حتى بغرور، قال فقط إنه لايرى نفسه بحاجة إليها هنا والآن، وقد يحدث ذلك مستقبلا وسيحدث...

ما قالته الجماعة الوطنية المغربية هو هذا على وجه التحديد: عظم الله سعيكم، لكننا نريد أن نجرب أنفسنا، أن نضعها من جديد موضع اختبار، على المرء زمن العاطفة أن يتعلم الإعتماد على نفسه تحسبا لزمن القسوة.

كان ذلك درس كورونا البليغ، والذي لايمكن نسيانه أبدا.

وفي مثل هذه الدروس، يظهر الشعب كثروة وسلاح، و تظهر الجدارة بأن تكون قائد الأمة وملهمها،

ذلك تحديدا ما أظهره ملك المغرب وشعب المغرب.