الساعة 11و 11 دقيقة !

بقلم: المختار لغزيوي السبت 09 سبتمبر 2023
No Image

قبلها بثوان كان كل واحد فينا يفكر بشيء شخصي يهمه.

خلال الثلاثين ثانية التي دامتها، والتي بدت لنا الدهر كله، كنا نفكر فقط في حماية من نحب، والهروب بهمإلى حيث نعتقد الأمان موجودا.

بعدها، تغيرت الحياة كليا بالنسبة لنا جميعا.

ونحن نكاد نطمئن لنجاتنا، وأننا لازلنا على قيد الحياة، ونشرع في تذكر ماتركناه وراءنا من متاع تافه وهربنا، بدأت الأخبار المبكية تأتي من قلب الأطلس الكبير وجباله.

"يبدو أن هناك ضحايا"، كانت هذه الجملة في البدء بسيطة تريد التقليل من وقع فجيعة لاتتمناها للوطن.

بعدها أصبحت الجملة وقحة في صراحتها، سافرة في فجورها تقول بكل وضوح قاتل "كاين بزاف ديال الموتى".

كنا في الساحات العامة والأزقة مع بقية المغاربة الهاربين من الموت نبدأ ليلة غير عادية لا أثر للنوم فيها،وفيها فقط علامات كئيبة كثيرة على أننا لن نتوقف عن تلقي وتبادل العزاء.

مات أبناؤك وطني، وكلمنا فيك، وأحسسنا بضعفنا الإنساني الرهيب الذي يفرض علينا الاكتفاء فقط بحساب الخسائر، والتأهب للهروب كل مرة، وانتظار الحصيلة المؤقتة التي فهمنا أنها ستكون أثقل من أن نتحملها.

الساعة 11 و 11 دقيقة لحظة لن ننساها، هي دخلت ذاكرتنا الجماعية من الباب المخزن الأليم إلى الأبد، وهيمع قسوتها وفجورها وكل الألم الذي حملته، قالت لنا إن للمغاربة معدنا يظهر لحظة الجد هو الذي نريده الآن: مظهر الشعب المتضامن مع نفسه، الحزين على أبنائه الذين رحلوا، رحمهم الله جميعا، لكن الحريص على من نجوا، شافى الله الجرحى، المفكر في من ضاعت منازلهم وأماكن سكناهم، المشغول بتوفير كل وسائل الإنقاذ والتمريض والمساعدة على مواجهة اللحظة لكل المتضررين، الشاكر أصدقاءه في العالم أجمع على هبة التعاطف الصادقة مع بلد ألفوا أن تأتيهم منه أخبار الفرح والحياة فقط، ولايريدون له وللطيب شعبه، أن يكونا يوما عنوانا حزينا من عناوين هذا الموت القاتل الحزين.

الساعة 11 و 11 دقيقة من مساء الجمعة 8 شتنبر 2023، لن ننساك: أبكيت شعبا لايستحق البكاء، وأحزنت أمة خلقت فقط للفرح.

لا اعتراض لدينا، مرحبا بكل الأشياء، فوطني القوي قوي في الأفراح كما في الأحزان.

الله يرحم الناس، ولطفك يا الله ببلادك وعبادك، فإن القلب المغربي الطيب غير قادر على تحمل كل هذا العناء.