لغزيوي يكتب عن زوبعة ناصر في فنجان "الجزيرة": الجماعة والفرد !

عن "الأحداث المغربية" - عدد الإثنين - بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 05 يونيو 2023
No Image

فكرة أن نتخيل أن دولة قطر تعادي المغرب، فقط لأن صحافيا وقارئنشرات مغربي تم فصله من قناة تلفزيونية تمولها هذه الدولة، هيفكرة غير صحيحة كثيرا، وغير ذكية إطلاقا.

الحقيقة هي أن هناك صراعات ومراكز قوى أو لوبيات، داخل كل القنوات الفضائية التي تشاهدونها، والتي تعرفونها، وحتى تلك التي لاتصلكم أخبارها، والتي لاتعرفون بوجودها أصلا، وهذا الأمر عام، ويسري علىعالمنا العربي/الإسلامي، مثلما يسري على أوربا وعلى أمريكا، أي على العالم كله.

في "الجزيرة" مثلا، كما هو الحال في "فرانس24"، الغلبة هي للوبي الجزائري، الذي قد لايتوفر لهصحافيون ومقدمون وقراء نشرات متميزون مثل المغاربة، لكن تتوفر له القدرة على التغلغل في المناصبالإدارية لهاته القنوات، وهو تغلغل يمكنه - حين يتم تكليفه بذلك، سواء من دولته الأم أو من جهة ثانية - مناتخاذ القرارات التي تخدم مصالح وأجندات من يشتغل لصالحهم.

لذلك وجب الانتباه كثيرا ونحن نعبر عن حماسنا وانتصارنا لابن بلادنا ألا نخطئ الهدف والمعركة، وألا نقحم الدولة القطرية في الحكاية، لأن هذا بالتحديد مايريده لوبي الجزائر هناك.

ومؤخرا فقط، عندما مر مثلا حوار طويل عريض (وغير مفيد إطلاقا) لرئيس الحزائر المعين من طرف العسكرتبون في قناة "الجزيرة"، قلنا الكلام ذاته، ونبهنا إلى أن اللوبي الجزائري الممول بكرم مبالغ فيه من مالالشعب الجزائري هناك، يأخذ مهمته على محمل الجد فعلا، وينجح كل مرة في إدخال أفكار غير صحيحةللعديدين هنا وهناك عن علاقة الرسميين القطريين بما يقع، خصوصا وأن الموقف الرسمي لقطر يؤكد دوماوأبدا اصطفافه إلى جانب الوحدة الترابية للمغرب، واقتناعه بمغربية الصحراء، وهو مايثير غل وحقد لوبي العسكر في الدوحة باستمرار.

"الجزيرة"، ونحن نعرفها جيدا منذ انطلقت، (بل وقبل أن تنطلق حين كان مشروع "بي بي سي" العربي هوالمرشح الأول للقيام بالدور الذي قامت به منذ 1996 إلى الآن في العالم العربي)، توجد حقا في قطر، وفي عاصمتها الدوحة، لكن مهمتها، وهدفها واستراتيجيتها وأدوات اشتغالها الفعلية، ومحركات بحثها،وارتباطاتها، وكل ما يهمها في العمق حقا لايوجد هناك.

ويسهل لمن يتابع عمل التلفزيون عن كثب، وعن دراية، أن يفهم هذا الأمر، وأن يتابع كل تطوراته، من الارتباط الظاهر (بل المرغوب في إظهاره) بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، إلى لحظة التحول إلى صندوق بريدالقاعدة وأسامة بن لادن الذي يوصل خطبه إلى العالم، إلى تورط بعض من كنا نعتقدهم صحافيين فيهاومنها في أمور بعيدة عن الصحافة أوصلتهم القضاء والمتابعة ثم الإبعاد عن الشاشة أو عن الإدارة، وصولاإلى الدور الحاسم في الفوضى غير الخلاقة التي سميت ظلما وعدوانا "الربيع العربي"، ومرورا بكثير منالأحداث والوقائع التي كانت تظهر دوما وأبدا أن هذه القناة توجد فعلا داخل هاته الدولة، لكنها تشتغل وفق أجندة تبدو أبعد بكثير من تلك الدولة.

هنا لابد من تفهم الأشقاء في قطر وتفهم حقهم في إنشاء ورعاية قناة أسهمت بشكل كبير في إشعاع بلادهم،وكانت ورقة ضغط (إيجابية أو سلبية الله أعلم) في يدهم في عديد المحطات. مثلما يجب تفهم تصور دولأخرى أنشأت فضائيات مشابهة أو تكاد للقيام بنفس الدور أو مايماثله، لإقامة نوع من التوازن مع دور"الجزيرة"، ومثلما يجب أيضا احترام تصور دول أخرى اختارت عدم الدخول في لعبة التقاذف بالفضائيات هاته، واختارت الدفاع عن أمنها الداخلي والخارجي بوسائل أخرى اعتبرتها نقط قوة لديها لاتتوفر للآخرين.

أيضا، وجب ونحن ننبه إلى الدور الخبيث والماكر الذي يلعبه اللوبي الجزائري في "الجزيرة" وفي"فرانس24"، وفي عدد من هاته القنوات التي تناصب بلادنا العداء بشكل سافر، والتي تستغل جهلبعضنا، وطمع بعضنا الآخر لأكل الثوم بأفواهه، أن ننتبه إلى أن معركتنا الأساسية هي معركة الدفاع عنوحدة المغرب الترابية، والدفاع عن حق بلدنا في تنمية نفسه وقدراته وتنويع شراكاته، وأنه لامصلحة لنا فيالدخول في معارك جانبية وإضافية ستسيء لنا أكثر مما ستفيد، وستخدم أجندة اللوبي المعادي لنا بشكل لانتصوره.

لذلك لامفر من التسلح بهدوئنا المغربي النابغ والمعهود، والتعبير لابن بلدنا عبد الصمد عن تضامننا معه بشكل عاقل ورصين، وإقامة الفارق الضروري بين أشقائنا القطريين الذين يعبرون عن اصطفافهم إلى جانبنامثلما اصطففنا إلى جانبهم دوما، وبين مرتزقة العسكر الجزائري المندسين هناك لديهم في القناة الموجودةفوق أرضهم، والممولة بشكل كامل أو يكاد من طرفهم، والذين يستغلون ثقة مشغليهم فيهم لكي ينفذوا فقط الأوامر الحاقدة القادمة من العاصمة الجزائر.

علينا أن نكون هادئين وأذكياء مثل المعني الأول بالأمر، أي الزميل عبد الصمد ناصر نفسه الذي رفض البصق في بئر شرب منها 26 سنة كاملة، وقال "لاينبغي أن تتحمل الجماعة وزر عمل قام به فرد واحد"، أو مامعناه تقريبا...