شرع اليد !!!

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 30 مايو 2023
No Image

ما الذي كان يدور بالتحديد في ذهن الجيران الذين اعتدوا على جارهم في الرباط لأنه اصطحب معه،خطيبته (صديقته، خليلته، معرفة له، شخصا ما) إلى شقته؟

لاأدري، ولا أحد يدري، ولكن حقيقة وجب التفكير فيها بجدية، وطرح السؤال عن السبب الذي يجعلنا نحن المغاربة نحشر أنوفنا (وبقية أعضائنا) في أشياء بعيدة تماما عن أرنبة، وعن بقية حيوانات، هاته الأنوف تحديدا؟

ما الذي يجعل مغربيا يتخيل أنه يحق له أن يتدخل بشكل سافر في حق شخص يريد استضافة شخص آخرفي منزله؟

ما الذي يجعل مغربية تعتقد أن لديها الحق، بل عليها الواجب، أن تقف بالساعات قرب النافذة متلصصة (معأن الله سبحانه وتعالى نهى بشكل واضح في القرآن الكريم عن التلصص وأمرنا بشكل جلي "ولاتجسسوا") على جارة لها أو جار تتصور أنه يقوم بفعل فردي خاص به داخل منزله، وذاك الفعل الفردي لايعنيها هي لا من قريب ولا من بعيد؟

من الذي أو ما الذي يسمح لمجموعة من المغاربة، غالبا يمارسون العبادات المفروضة بشكلٍ متقطع، أن يعتدوا مثلا على شخص وجدوه يأكل في نهار رمضان؟

ماهو المبرر أو الحجة أو العلة، ولم لا المرض، الذي يعطينا نحن المغاربة الحق في أن نقف قرب باب الحي أو"الحومة"، أو العمارة، أو الدوار، لكي نتفحص بأعين ثاقبة، تتجاوز في مفعولها "السكانير" غير الموجودفي المستشفيات العمومية، أو المعطل غالبا، "القفة"، أو "البلاستيكة"، أو الحقيبة التي يحملها جار لنالانعرف حتى إسمه الحقيقي، لكي نعرف إن كان يحمل فيها خمرا أو مخدرات أو "معجونا" أو كميات وافرة من "السيليسيون"، لكي نسارع فور التأكد من الخبر/السكوب، إلى نشره بين الجيران والأقارب، ووضع شريط "عاجل وفضيحة، وشاهد قبل الحذف ولايفوتك"، عليه؟

ما الذي يفرض على مقهى بكامل زبنائها، في حي شعبي أو راقي، أن تتحول إلى برج مراقبة مكتمل الأركان،فيه اللاقطات الهوائية المتقدمة التي تحصي أنفاس عباد الله، وفيه أدوات المسح والقياس، التي تعطيك فوراحجم السروال الذي ترتديه العابرة رقم ألف، ولون التبان الداخلي الذي تلبسه العابرة رقم إثنين، وحجم حمالات الصدر التي تضعها العابرة في الرصيف الآخر؟

ما الذي يجعلنا هكذا؟

من حكم علينا بعطالة الفعل وعطالة الذوق وعطالة الحس حتى صرنا متبلدين أغبياء نقحم أنفسنا دونما حياء بين المخلوق وخالقه وبين المرء ونفسه؟

فوقاش سالينا قبنا؟ متى انتهينا من كل شيء ولم نعد نهتم إلا بما لاعلاقة لنا به إطلاقا؟

قدماؤنا، وهم قوم ذوو تربية عالية، وخلق رفيع، وعلاقة بالدين أفضل منا، لم يكونوا هكذا.

كانوا يتعففون. كانوا يستحون فعلا. وكانوا يمثلون دور من لم ير شيئا إذا رأوا أمر لم يعجبهم، لكن لاعلاقةلهم به.

متى فقدنا خصلة التعفف هاته، حتى صرنا نعرف كم مرة سيصل شاب وحبيبته داخل شقة مقفلة عليهماإلى الرعشة الجنسية؟؟؟؟

متى أصبحنا هكذا: بلا أخلاق وندعي بشكل مرعب ومريع أننا نريد فقط حماية الأخلاق؟

متى؟

لا أعرف، ولا أحد منا يعرف.

شيء واحد كلنا متأكدون منه في هذا الصدد هو الدعاء الذي نقوله عن الفضول والفضوليين: الله يخليها سلعة، وكفى.