رسالة إلى أيتام المأدبة !

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 24 مايو 2023
No Image

لم يعد الموضوع مغريا بالحديث عنه إطلاقا. عن موضوع صحافتنا المغربية ومختلف ماينتظره من تطورات، نتحدث.

عندما نكتب عن مهنتنا يكون القراء واضحين معنا حد قسوة جد جارحة، وهم يقولون لنا مامعناه "واسيرو بعدو منا".

وعندما نحاول تعطيل كل حواس الفهم، والتظاهر بأننا لانستوعب سبب هذه القسوة، يكتفيهؤلاء القراء بالرد بابتسامة السخرية، هؤلاء القراء، أو من تبقى منهم، لأن القراءة أصبحت فعلاخادشا لحياء الجهل في أيامنا هاته، ولأنه "مابقا مايتقرا" حقا، إلا مارحم رب العلم والمهنية واللغة في مجالنا العتيد.

ومع ذلك نعود للحديث كل مرة عن هذا الميدان.

لماذا ؟ وهل هو عناد غبي؟ أم رغبة في تعذيب الذات والآخرين فقط؟ أم ماذا؟؟

لاهذا ولا هذه، ولا تلك ولا الأخرى.

نفعل ذلك لأن هذا الميدان ميداننا.

نعم، استباحه الكل.

نعم، مارست هوايته كل المهن.

نعم، أصبح الجميع أعلاما فيه يشار إليهم، أو في الحقيقة (يشير عليهم) بالبنان، الموز وليس الأصبع، خصوصا إذا كان فاسدا.

نعم، تفرق دم الحرفة بين القبائل، ولم نعد نعرف من مع من، ومن ضد من، ومن معنا، ومن هرب إلىغانا، ومن يضع أصبع رجل واحدة في الميدان تحسبا لكل مامن شأنه أن...ويضع بقية أصابع ماتبقى من الرجل حيث لاندري من مواضع.

نعم، اختلفنا على كل شيء، حتى لم نعد نطيق النظر إلى بعضنا.

نعم، سب بعضنا بعضا، وشتم بعضنا البعض الآخر، وقال كل واحد منا إنه هو الصحافي الوحيد في البلد، والبقية كل البقية لاضرورة لوجودهم فوق هاته البسيطة.

نعم اختلط حابل المعارضة السياسية بممارسة المهنة تقية، واندمجت المداهنة والنفاق مع رغبةالعديدين فقط في التهام ماتبقى من لحم الكتف المسكين، حتى فقد الطرفان المعنى والمغزى : المعارضون المتخفون في الصحافة، والمزغردون الطامعون بعد كل زغرودة في نفحة ما تعيد لهم النفس الطويل القادر على الولولة الكاذبة طويلا.

نعم، تم تعويضنا من طرف المغربي بتيك توك، يطالع فيه قصائد الهجاء التي ينظمها "إبن الصينية"، وباليوتوب يتابع فيه سجالات البدوية أم نفسها، مع ندى ونزار وبوكريشة والبقية، وفهمنا أننا تمادينا في إيلام أنفسنا ومهنتنا حتى صرنا بلا معنى أو نكاد.

نعم، كل هذا حق وزيادة، لكننا لانملك ترف الاستسلام، والقول بكل مسكنة "إيوا هاد الشي اللي عطا الله والسوق"، والذهاب للبكاء في أقرب رفاق ضيق.

لذلك نعود لقولها بكل الإيمان الممكن: لازالت هناك حاجة ماسة لصحافة قوية وطنية مواطنة فيهذا البلد، ولازلنا سنضطر بعد انحسار موجة كل هذا الإسهال القادم عبر مواقع الشات وصحافة الشات وإعلاميي الشات، إلى صحافة تبذل جهدا حقيقيا لكي تخاطب في مواطن المغرب ومواطنةالمغرب، شيئا آخر غير حواسهما البدائية، وغير الغرائز.

هذه بديهية لامفر منها، وسيأتي أوانها، رغم حالة الذهول المظلم، القريبة من الغيبوبة، التي يمر منها القطاع.

فقط ينبغي أن يفهم هذا القطاع المسكين واللعين، عبر أبنائه الحقيقيين، الأيتام في المأدبة، لاعبر الأدعياء والمندسين، هذا الأمر، وبعدها لن يفعل ربك إلا خيرا.

فقط يجب أن يستيقظ أبناء الميدان، وأن يستوعبوها، وكل شيء بعدها سيكون سهلا للغاية.

أسهل مما يتخيلون...