دفتر الغياب !

بقلم: المختار لغزيوي السبت 08 أبريل 2023

عبد الله العمراني، خالد الناصري، امحمد العزاوي، ثم خليل الهاشمي الإدريسي. تقسو الحياة على الحياة بالموت المتتالي، المتتابع، الراكض وراء بعضه بعنف أليم، للحرفة ولرموزها ولأسمائها.

نستفيق من صدمة رحيل هذا، يخبرك الهاتف اللعين برحيل الآخر.

نلتقي في المقابر، منتظرين انتهاء مراسم العزاء، جائلين بين شواهد القبور، نقرأ أسماء من رحلوا في وقت سابق، نتذكر ماعشناه وماجمعنا مع من جئنا لنواري جسده الثرى. نودع بعضنا البعض على أمل عدم لقاء قريب، إذ نعرف في قرارة أنفسنا أننا إن التقينا قريبا فسنلتقي من أجل توديع زميل عزيز آخر، وهذه لانريدها ونخشاها، وإن كنا نعرف أنها ضرورية ولامفر منها، وأن الحكاية هي حكاية تأجيل فقط، لأيام،لأسابيع، لأشهر، لسنوات...الله أعلم، لكنها قادمة.

ودوما نقولها وننساها: في نهاية المطاف، لاشيء فوق هاته البسيطة يستحق كل هذا الصراع الغبي الذي ننخرط فيه ونحن نعتقد أننا سننتصر وسندوم.

عندما نكون أمام مشهد الوداع الأخير هذا نفهمها: وحدها السيرة الطيبة ستبقى بعدنا. وحدها كلمة الحق التي تشهد على علاقتنا بمن عشنا معهم وعرفناهم وعرفونا ستظل.

وحدها الأشياء التي قمنا بها، وتركناها علامة عبور لنا من هذا المكان، ستخلد، أما نحن فعابرون في كلام عابر وكفى.

لكننا ننسى.

لحسن الحظ أو لسوئه، ننسى.

ننخرط مجددا بعد ذهاب الحسرة الأولى في صراعات الحياة التافهة، متوهمين البقاء الأبدي، حالمين بأننا غير معنيين بهذا الرحيل لكأنه لن يمسنا، مع أنه الشيء الوحيد المشترك بيننا جميعا، نحن الأموات أبناء الأموات.

في النهاية لا أعرف من سأعزي في من؟

لذلك سأعزي النفس والحرفة وعائلات الأعزاء الذين رحلوا وقراءهم أومستمعيهم أو من كانوا يتابعونهم في الرحيل المؤلم المتوالي.

سأداري مجددا الدمعة الجماعية السائلة على خد الميدان بصدق. سأمني النفس بأيام أفضل نفهم فيها جميعا أن الحياة قصيرة ونفيسة، وأنها أثمن من أن نضيعها في الفارغات الذاهبات إلى زوال.

وحدها الذكرى الحسنة تظل، وهي التي تجلب الرحمة لصاحبها.

الله يرحم الناس، وصافي