رجل هنا..ورجل لهيه !

بقلم: المختار لغزيوي الخميس 02 مارس 2023
No Image

لدي صديق يعيش هاته الأيام واحدة من أسوأ أيامه، بسبب حمله للجنسية المزدوجة (مغربي/فرنسي).

صديقي الذي ألف مناقشتي في أي شيء نكتبه هنا في الجريدة أو في موقعها، بل والذي يناقشني أحيانا في أشياء "اقترفها" آخرون غيرنا، صامت بحزن منذ مدة.

كلفت نفسي عناء السؤال عنه للاطمئنان على حاله، فوجدته عاتبا على كلام سابق نشرناه هنا عمن أسميناهم "حملة الجواز/الوجه الواحد"، وكيف فضلناهم وفضلنا الانتساب إليهم عوضحملة الجوازات الاحتياطية، أو الجوازات التي يسميها الشارع المغربي "باسبور ماعرفتي الوقت آش تجيب".

شرحت لصديقي أنني لم أفكر فيه هو أبدا، وأنني أعرف أنه نال الجنسية الفرنسية أيام دراسته/دراستنا الجامعية، وأننا هنا في هاته الجريدة نميز جيدا بين المنتسبين بالأوراق فقط لفرنسا لأجلأغراض مهنية وإدارية وحياتية، وبين من نسميهم "وليدات فرنسا" من خدامها الأوفياء، الذين يسبقونها على ما ومن عداها، والذين يضعونها في مرتبة أعلى من البلد الذي تجري في عروقهم دماؤه، أي المغرب، بكل صراحة.

أوضحت لصديقي بكل حسن نية أن العتب يقع على من كان في موقع مسؤولية حساس وصارم،ويعاني من هذا التمزق الذي سيفرض عليه في لحظة من اللحظات أن ينتصر لهذا البلد أو لذاك،لأن الصداقات والعداوات الدائمة لاتوجد في السياسة، والمصالح وحدها تبقى، ووحدها تفرض في أحايين محددة هذا الاختيار الصعب والقاسي، لكن الضروري والدال على كل الأشياء.

ذكرت صديقي بحدث تافه أو بدا لنا تافها، وقع في المونديال الأخير في قطر تعامل معه المغاربة بحساسية كبرى حين أراد الكوميدي جمال الدبوز في مباراة للكرة فقط أن يظهر أنه ينتمي إلىالبلدين معا، وكيف رفض الناس هنا هذه الفكرة تماما وانهالوا على جمال بالتقريع الشديد، رغم علمهم أنه يحب المغرب.

سألت صديقي "فمابالك بالسياسة؟ ومابالك بتحمل مسؤوليات كبرى تضيف لها تحمل جنسيتين مختلفتين تماما؟".

لمست في ردود صديقي حيرة تفهمتها، وحرجا التمست له آلاف الأعذار، لكنني وأنا أحادثه ازددتتأكدا بأن حكاية الجنسية الواحدة هاته ليست أمرًا سهلا أو "إداريا" هينا يمكن التعايش معه كأنه لم يقع، أو كأنه وقع والسلام.

بالعكس، هو أمر أعمق بكثير يطارد المصاب بهذا (الانفصام) وإن ادعى العكس، أو حاول تمثيل النقيض.

في الختام قال رب العزة في الآية الرابعة من سورة "الأحزاب" (نعم، سورة الأحزاب) : "ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه".

صدق الله العظيم، وكفى.