المغاربة يمسكون العصا من الوسط .. منفتحون على القيم الكونية دون تفريط في التقاليد

بنزين سكينة الاثنين 13 فبراير 2023
No Image

AHDATH.INFO

إمساك العصا من الوسط. هكذا يبدو الوضع ضمن مشهد المتغيرات الذي سلطت عليه المؤسسة البرلمانية الضوء، في أول دراسة سوسيولوجية وطنية ميدانية، يتم إنجازها في تاريخ المؤسسة، والتي انطلقت من عنوان عريض حول القيم وسؤال التنمية في المجتمع المغربي.

العديد من المؤشرات التي تضمنها التقرير، توقعت استمرار سيرورة تغير القيم في اتجاه المزيد من التلاؤم مع القيم الكونية، دون التفريط في القيم الحضارية والأصلية التي يتميز بها المجتمع المغربي، حيث توجد عوامل عديدة تؤيد التوجه نحو قيم الحداثة، كالتحضر المتسارع، وتعميم التمدرس والاختلاط، والاتصال السمعي البصري، وعمل النساء خارج البيت، والانتقال الديموغرافي، وتداعيات الهجرة الداخلية والدولية، إلى جانب شبابية الهرم الديموغرافي التي تعزز دينامية الانفتاح القيمي.

وفي الجانب الآخر الذي يقابل التحولات غير المسبوقة تكنولوجيا واقتصاديا وثقافيا، وأزمة النماذج المعيارية، تتموقع منظومة القيم في المجتمع المغربي التي تقاوم في اتجاه الحفاظ على هوية المجتمع وخصوصياته، حيث يتشبت المغاربة بالقيم التقليدية، خاصة ما يتعلق باحترام العائلة والوالدين، واعتبار الأسرة مصدرا أساسيا للقيم، مع احترام المعايير الدينية، في الوقت الذي يتسم فيه سلوك الفرد الواحد بكونه مركبا بين أنماط مختلفة من المعايير التي لا تتحرج في الجمع بين الحداثة والقيم التقليدية.

وكشفت الدراسة أن غالبية المجتمع المغربي منشغل بالأساس بالقيم المادية، كقيم العمل والتعليم والشغل والاندماج والمساواة، والانصاف والعيش الكريم ... بينما يتمحور اهتمام النخب التي حققت قدرا كافيا من حاجياتها المادية حول قيم الحرية والفردانية والمدنية والشفافية والحب ... في الوقت الذي أصبح فيه التوافق الذي كان موجودا منذ خمسة عقود تقريبا بين القيم والبنيات العائلية والاجتماعية عرضة للتفكك والتراجع، حيث قل التساكن بين الأطفال والآباء،إلى جانب الهجرة وتزايد نسب الأسر النووية وتراجع الزيارات أمام انتشار استخدام التكنولوجيا، وتراجع التبعية المتبادلة بين الأطفال والآباء.

وخلقت هذه الثنائيات حالة من التوتر الداخلي بين أفراد الأسر الذين تتنازعهم ميول نحو الاستقلال الذاتي وعلاقات التبعية والطاعة، ما يرفع منسوب التوتر والتصادم خاصة بين صفوف الفتيات والنساء المتزوجات الساعيات لتقليص علاقات التبعية والتراتب والسلطة، ما يرجح استمرار الصراع حول القيم داخل الأسرة المغربية.

وأكدت نتائج الدراسة الحضور القوي للمكون التقليدي في التربية الأسرية،حيث تتم تنشئة الأطفال على قيمة طاعة الوالدين والتكفل بهما عند الشيخوخة، إلى جانب تضحية الآباء من أجل أطفالهم،وتكفل الأسرة بالبنت التي تأخرت عن الزواج، والمطلقة والأرملة، في الوقت الذي تحظى به الأسرة بدور محوري لحل النزاعات الزوجية، حيث لا تتعدى نسبة اللجوء للجيران والأصدقاء 0.9 في المائة، بينما لا تتعدى نسبة اللجوء للجمعيات طلبا للحل 5 في المائة، ما يترجم بالأرقام سلطة الأسرة رغم كل النضالات الحقوقية.