انتصار الأمل

بلمداحي حكيم الاثنين 12 ديسمبر 2022
No Image



إنجازات الفريق الوطني لكرة القدم في الدوحة ليست بالأمر الهين. هي كتابة، بلغة الرياضة، لمسار مغربي جديد.
هو مسار الأمل.
هو مسار الندية والتغلب على عقدة صاحبتنا لعقود...
هو مسار تجاوز النقص الذي لازمنا من انكسارات وخيبات متتالية...
ما جرى أول أمس في الواقع هو شيء يتجاوز حدود خيالنا المتخن بجراح الهزائم...
لقد انتصر لاعبونا في لعبة خلقت للمتعة أولا.. لكنه انتصار أفرح قبائل وشعوب في أقطار من العالم، وأخرجهم للاحتفال بالشوارع العامة، في مجموعة من الربوع..
احتفل الناس في كل شبر من المغرب من الشمال إلى أقصى نقطة في الأقاليم الجنوبية.. لكن الناس أيضا خرجوا للاحتفال في باريس وفي لندن وبرلين.. خرجوا للاحتفال في غزة وفي تل أبيب.. في تونس وفي طرابلس وفي كل شبر من الخليج..
الفرحة عمت الشعب الجزائري وعمت بلدان إفريقيا.. احتفل الناس في السودان وفي السينغال وفي الصومال وفي مالي وفي كل القارة «المضيومة» و«المحكورة» والغارقة في الفقر والتهميش وفي قوقعة العمليات المخزية للمتحكمين في اقتصاد وسياسة العالم..
هو انتصار يتقاسم انتسابه فئات وشعوب ودول وتكتلات، وكل يقول هو انتصاري أنا.. العرب يعتبرونه نصرا لهم بحكم الانتماء السياسي والإيديولوجي.. والمغاربيين يعتبرونه نصرا لهم بحكم الانتماء الإقليمي وإفريقيا تعتبره نصرها بحكم الانتماء القاري.. وهو في الحقيقة نصر لكل هؤلاء فهم يقتسمون فرحته معنا والفرحة كلما كثر اقتسامها زاد حجمها..
هو انتصار للأمل.. انتصار يقول للعالم: نعم هناك الإنسان في كل مكان لا وجود حقيقي لأي تمييز سوى في السياسة اللعينة..
هل صدم انتصارنا الغرب؟.. أكيد. لأن عقدة النقص التي زرعها فينا هذا الغرب منذ عقود، وقبلناها غصبا أو سذاجة أو قهرا، توازيها بارانويا مقيتة معششة في أذهان الغرب الاستعماري..
فرحنا فرحة كبرى مستحقة... نستحقها أولا كشعب مغربي يواجه الحياة بشجاعة رغم المعاناة.. وبالطبع فرح معنا كل العرب بحماسة لم يعرفوها منذ شعارات جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي.. كما فرحت معنا كل إفريقيا..
هو فخر صنعه فريق من أبناء هذا الوطن، عرفوا كيف يشرحون لنا بأن العمل الجماعي بانضباط كبير وبحب عميق للوطن سر النجاح وأن لا معجزة في الأمر وإنما هو عمل وتفان وحب وابتعاد ونبذ لكل أنانية وحب الذات ومصلحة شخصية ضيقة..
هذا هو درس وليد الركراكي وأشباله، وهو درس حبذا لو نستوعبه جيدا ويكون قاعدة نستعملها في حياتنا في تدبير شؤون البلد وفي خدمة البلد وفي العمل على تحقيق انتصارات البلد..
هو درس نريده عنوانا لمرحلة جديدة نأمل في أن تحقق الفرح للمغاربة.. مرحلة يفخر بها كل الأقرباء من الذين يقتسمون معنا انتماء ما ولو في انتماء رفض أن نبقى عالما متخلفا ثالثيا...