فكر و دين

بوليف: من ظن أن قتله لمؤمن، مهما اختلف معه، جائز، فجزاؤه جهنم خالدا فيها.

أسامة خيي الأربعاء 01 يوليو 2015
بوليف: من ظن أن قتله لمؤمن، مهما اختلف معه، جائز، فجزاؤه جهنم خالدا فيها.
1339595639

 AHDATH.INFO  - الرباط - متابعة

السلام على أحبتي الكرام...

شهر رمضان الكريم فرصة للحديث عن الأصول في كل المجالات، ومنها الأصول المرتبطة بالحق في الحياة.

إن الذي يتابع القتل الهمجي الذي يقوم به البعض باسم الإسلام، حتى أصبح الإسلام عند العديدين قرينا للإرهاب، وضد الحياة...إن الذين يقومون بهذه الأعمال المدانة عقلا وشرعا وإنسانية، عليهم أن يفهموا أن المبدأ العام الإسلامي بخصوص الحياة هو الآية 32 من سورة المائدة التي يقول فيها العلي القدير:

"أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعًا" . نعم الإسلام دين الحياة أصلا، بل هو يدعو ويشجع على إحياء النفس، وذهب الى أقصى ما يمكن، حيث اعتبر قاتل النفس بقاتل البشرية جمعاء....فمن أين إذن لهؤلاء بتبرير هذه الأفعال الشنيعة المحرمة؟؟؟؟

بل إن الإسلام ، خوفا على المؤمنين من الخروج عن الملة في حالة ارتكاب القتل بصفة الخطأ، قدم حلولا لخصتها الآيات التالية من سورة النساء:

" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً"

 فهذا مستبعد تماما ولا يمكن حتى الحديث عنه.

لكن، لكن، لكن في حالة الاستثناء والخطأ، (كحادثة سير بالسيارة مثلا): وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَ:

  1. تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ.

2.فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ.

  1. وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً.

  2. فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً

ويفيد ذلك أن قتل المؤمن عمدا، لا يمكن أن يكون صاحبه ممن حمل إيمانا في قلبه، ولذا قال تعالى بعد هذه الآية {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } على وجه العمد { فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ  } انظروا الى عِظم هذا الوعيد المتكرر { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93.

نعم، من ظن أن قتله لمؤمن، مهما اختلف معه، جائز، فجزاؤه جهنم خالدا فيها. وعليه غضب الله ولينتظر العذاب العظيم المعد له من طرف الحي الْقَيُّوم....

وبالرجوع لإحدى روايات أسباب النزول، يقال أن الآية نزلت في رجل قتله أبو الدرداء عندما كانوا في سرية، حيث عدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له، فوجد رجلا من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف،  فقال : لا إله إلا الله، لكنه رغم هذه الشهادة ضربه،  ثم جاء بغنمه إلى القوم . ثم وجد في نفسه شيئا،  فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له،  فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا شققت عن قلبه ؟ " فقال : ما عسيت أجد ! هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء ؟ قال : "فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه " , قال : كيف بي يا رسول الله ؟ قال : " فكيف بلا إله إلا الله ؟ " قال :فكيف بي يا رسول الله ؟ قال : " فكيف بلا إله إلا الله " . حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي(يقول أبو الدرداء)....قال : ونزل القرآن : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ.

 وفي نفس سياق التحريم لأولئك الذين يقتلون الأبرياء الأجانب، كالسياح والذين يأتون لبلداننا للنزهة أو الأعمال أو الدراسة أو أي شيء آخر قانوني، نسوق قول الرسول  صلى الله عليه وسلم: "ألا من ‏قتل نفساً معاهدة، له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، ‏وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً" رواه الترمذي وقال حسن صحيح.

 

‏بل إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ بخصوص ظلم هؤلاء، فكيف بقتلهم، ‏: ‏أَلَا ‏مَنْ ظَلَمَ ‏ ‏مُعَاهِدًا ‏أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا ‏حَجِيجُهُ ‏‏يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

فليتق الله كل من رخص بقتل نفس بشرية أو ساعد على ذلك أو قام بذلك، وليراجع إيمانه إذا أراد رضى الله وتجنب وعيده.

وتحية لروح الإسلام السمحة...

تحياتي،

الدكتور محمد نجيب بوليف