صوت المستقبل!

المختار الغزيوي الاثنين 29 أبريل 2024

احتج الطلبة في جامعات أمريكا، وفي أرقى جامعات فرنسا، وغيرها من جامعات العالم، على الوضع المؤلم، المحزن، المبكي، الدامي، المدمي الفؤاد، للناس في غزة. 

الحكاية الآن لم تعد حكاية بين «حماس»، التي اقترفت يوم السابع من أكتوبر ماوصفناه في حينه بالغباء القاتل، والذي قلنا إنه سيكلف المدنيين الفلسطينيين الكثير من الوبال والدمار (طبعا لم ينصت لنا أصحاب الأناشيد والمحفوظات، بل شتمونا وكفرونا وخونونا)، وبين إسرائيل التي كان ينتظر رئيس حكومتها نتنياهو فقط فرصة مثل هاته، لكي يخرج من كل أزماته السياسية في الداخل الإسرائيلي بحرب ابتدأت، ولا أحد يعلم متى ستنتهي في حق المدنيين الفلسطينيين، بحجة القضاء على الإرهابيين والمخربين المختفين بينهم. 

لا. الحكاية الآن، هي حكاية قصف عنيف، مدمر، قاتل، استمر لمدة سبعة أشهر، غير تماما ملامح القطاع، قتل من قتل من الإرهابيين، لكن قتل أيضا عددا كبيرا من الصغار والمدنيين (الذين يشبهون الصغار والمدنيين الذين قتلتهم أو اختطفتهم «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يوم 7 أكتوبر). 

لذلك انتفض اليوم من ينتفضون عادة: طلاب الجامعات لكي يقولوا «كفى»، ولكي يوصلوا للعالم كله دعوة السلام المستحيل هاته، رغم أن الآذان، ومعها العقول والقلوب تبدو غير قادرة على الإنصات لهاته الدعوة بالتحديد، وهذا في الجانبين معا، وليس عند هذا الطرف لوحده، أو الآخر.

طبعا، هناك محاولات شيطنة لاحتجاجات الطلاب من طرف إسرائيل وإعلامها من جهة، وهناك محاولات ركوب جبانة على هاته الاحتجاجات من طرف «حماس» وإعلامها. 

هذه المحاولات فاشلة، لأن صوت هذا الجيل الجديد الصاعد يجب أن يصل للأجيال القديمة التي فشلت في صنع السلام في تلك المنطقة، والتي نجحت في شيء واحد: صنع القتل، والحفاظ على استمراره كل هاته السنوات والعقود، بكل غباء. 

نعم، هذا القتل الموجع للمدنيين يجب أن يتوقف، ويجب أن تتوقف معه وقبله وبعده العمليات الإرهابية الحمقاء، التي تقترفها جماعات متطرفة تشتغل لدى الأجنبي (إيران وغير إيران) وتورط المدني الفلسطيني فيما لاقدرة له على تحمله، وتهرب هي إلى المنافي الفاخرة لكي تصدر البيانات الكاذبة التي لاتصمد أمام حقائق الواقع. 

الواقع الذي يقول لنا إن عدد القتلى الآن، منذ جريمة «حماس» الأولى، يقترب من الخمسين ألفا. 

على الأقل ذكرنا الطلبة الشباب، بأن هذا الرقم مهول، وشاق التحمل، وأن الطرفين المتسببين فيه، يجب أن يتوقفا عن إراقة الدم الفلسطيني والإسرائيلي، لكي يجدا هما في الختام، شيئا يتفاوضان عليه في الدوحة، أو في القاهرة، أو في أي مكان آخر من هذا العالم البئيس.

على الأقل فعلها هؤلاء الطلاب وقالوها. من سينصت إليها وإليهم الآن؟ 

ذلك هو السؤال.