آراء وأعمدة

حصاد ديبلوماسية الحقد!

محمد أبويهدة الأربعاء 02 نوفمبر 2022
2BC15CE9-D22A-48FF-B9DE-C013E8DE7C92
2BC15CE9-D22A-48FF-B9DE-C013E8DE7C92

AHDATH.INFO

لم يكن تصريح وزير الخارجية ناصر بوريطة لقناة العربية حول القمة العربية مفاجئا بالنظر إلى ما يعتمل في المنطقة من تباين للمواقف حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

قال وزير خارجية المغرب، ناصر بوريطة، إنه يتعذر على العاهل المغربي الملك محمد السادس حضور القمة العربية التي تحتضنها الجزائر لاعتبارات إقليمية، وإن القمة العربية حدث رئيسي، لكنها لا تختزل العمل العربي المشترك. وأضاف وزير الخارجية في تصريح لقناة العربية أن العاهل المغربي أعطى تعليمات للوفد بالعمل البناء رغم عدم حضوره، لافتا إلى أن الجامعة العربية هي قناة التواصل الوحيدة مع الجزائر.

غياب جلالة الملك عن حضور القمة العربية، التي تحتضنها الجزائر، انضاف إلى غيابات أخرى لقادة عدد من الدول العربية، فقد اعتذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن حضور القمة العربية، كما أعلنت وكالة الأنباء الأردنية عن عدم حضور الملك عبد الله وتكليف الأمير ولي العهد الحسين بن عبد الله ليترأس الوفد الأردني. ومن جهتها، أكدت الكويت غياب أميرها الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عن أشغال القمة. كما أكد ديوان مملكة البحرين أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة لن يحضر بدوره أشغال القمة في الجزائر. وأعلن ديوان السلطان العماني أيضا غياب السلطان هيثم بن طارق. فيما أكد الرئيس اللبناني ميشال غيابه عن القمة العربية، وعين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، للنيابة عنه.

الغيابات المسجلة في القمة هي في حد ذاتها موقف من القمة التي يفترض أنها تجمع العرب، لكن ظروف انعقادها لم تكن عاملا مساهما في هذا «الجمع» لاسيما أن الدولة المستضيفة ساهمت في التفرقة أكثر من لم الشمل كما تدعي.

في جميع الخلافات العربية، التي نشبت بين دول شقيقة، كانت الوساطة غالبا ما تساهم في تهدئة هذه الخلافات لتعود مياه العلاقات إلى مجاريها الطيبة، إلا في حالة الجزائر التي هي نفسها ترفض كل وساطة في الوقت الذي كان المغرب يمد يده إليها دون وساطة. وحتى عندما تدخلت بعض الدول بحسن نية لم يبادلها النظام الحاكم نفس النية الحسنة، بل ظل على عقيدة الحقد للمغرب.

بسوء النية أيضا كان النظام الجزائري يدبر خلافات الأشقاء، ففي الوقت التي كانت الدول العربية تساند مصر في أزمة الماء، تخلفت الجزائر عن ذلك واستغلت الموقف لتقترب أكثر من النظام الإثيوبي، وهو ما أثار استياء الجانب المصري. وعندما كان المغرب يسعى بشكل حثيث إلى احتواء الخلاف الليبي ويحتضن جلسات الحوار بين القادة الليبيين للوصول إلى حل سياسي سلمي ووقف التناحر بين الفصائل المسلحة، واتخاذ مسافة بين كل الفرقاء، كان النظام الجزائري مرة أخرى يتجه عكس التيار.

ورغم ما يدبره النظام الإيراني في الكثير من الدول العربية من قلاقل ظلت الجزائر منتشية بين أحضان الملالي، بل ونقلت دسائسه إلى أراضيها لتوجهها ضد المغرب بتسليحها انفصاليي البوليساريو وتدريبهم.

لم تبد السلطات الجزائرية أبدا أي إشارات على حسن النية في علاقاتها بالمغرب، بل أكثر من ذلك كانت تسير بالاستفزاز إلى أقصى درجاته وكان آخره ما تعرض له الوفد الرسمي من مضايقات، بالإضافة إلى طرد الوفد الإعلامي الذي سافر إلى الجزائر لتغطية أشغال القمة.

على النظام الجزائري اليوم أن يتحمل مسؤوليته فيما ستؤول إليه أشغال القمة العربية، وأولها التفرقة التي خلقها بسبب اعتناقه الحقد الديبلوماسي، الذي لم يكن أبدا سبيلا لحل الأزمات، وها هو يحصد مبكرا ما زرعه بالأمس.