ثقافة وفن

لمريني يصالح الأدب والسينما في "جبل موسى"

أحمد ردسي السبت 24 سبتمبر 2022
Screenshot_20220924-181229_WhatsApp
Screenshot_20220924-181229_WhatsApp

AHDATH.INFO

بعد حوالي أربعة عقود على فيلم "بامو" المقتبس عن قصة للكاتب المغربي أحمد زياد يعود المخرج ادريس لمريني ليصالح الأدب والسينما في فيلم "جبل موسى" عن رواية بنفس العنوان لعبد الرحيم بهير وسيناريو من توقيع الكاتب نفسه .

رواية وسيناريو يضجان بالأحداث غير العادية والأسرار والمفاجآت والفلسفة والفكر وأسئلة الوجود والمشاعر الإنسانية نجح لمريني رغم صعوبتها ومواضيعها الشائكة والإشكالية رفقة طاقمه أن يجد لها الوصفة السينمائية الأنجع لينقلها إلى الشاشة الفضية..

وردود الفعل في قاعة روكسي والنقاش الذي عقب العرض تشهد بذلك، ومن شاهد الفيلم وقبل ذلك قرأ الرواية سيرى بعينه أن لمريني نجح في هذا التمرين ولم يخن الرواية بل بقي وفيا لها بطريقته وبأسلوبه السينمائي .

كثيرة هي نقط قوة الفيلم ومتعددة لكن أبرزها القصة نفسها الملأى بالأحداث المثيرة والمفاجآت.. عندما يكتشف المشاهد أن الشاب المقعد والعاجز عن الكلام ليس كذلك بل هو صحيح معافى, وأن تلك كانت طريقة لعقاب ذاتي جراء صدمته لما تسبب في وفاة والده "غير الحقيقي"..  وأحداث وأسرار أخرى صادمة وغير متوقعة .. وهي الأسرار التي سوف يكشف عنها الغطاء بالكامل لما يصعد إلى جبل موسى مع المدرس مروان في رحلة للتطهير الذاتي والتخلص من جراح و كوابيس الماضي.

و من نقط قوة الفيلم أيضا الحوار بخصوص مواضيع وإشكاليات صعبة عن الوجود والمعتقد و الفكر والفلسفة والحياة .. فلو لم يكن الحوار مبنيا بناء قويا لظهر مصطنعا أو تعليميا وهنا تبرز أهمية الاعتماد على النص الروائي.

ثم الكاستينغ تحت عنوان التنافر والجدل والانسجام بين بطلي الفيلم المدرس مروان الذي أدى شخصيته باقتدار وتمكن الممثل عبد النبي البنيوي و الشاب حكيم  " المقعد " الذي أدى دوره أيضا بحرفية الممثل يونس بواب .

وأيضا  طريقة حكي هذه القصة من طرف المخرج ادريس المريني حيث نجح في التصوير في الفضاء المغلق والفضاء المفتوح ونجح في المزاوجة بين الحاضر وبين الماضي بالاستعانة بالفلاش باك بمقدار معين بما يخدم تطور الأحداث كما أن وهذا مهم جدا نجح الفيلم في تجنب مطب الثقل والإحساس بالملل لدى المشاهد واللذين قد يعتريان مثل الأعمال التي تركز على الحوار في فضاء مغلق أو شبه مغلق وهنا نستحضر بصمة المونطاج الذي أشرفت عليه مريم شادلي التي سبق لها التتويج بجائزة المونطاج في المهرجان الوطني في دورته السادسة عشرة عن فيلم عايدة للمخرج ادريس المريني ..والكل يعرف أن المونطاج الجيد يمنح الفيلم إيقاعا ملائما ..

ولا ننسى وهذا مهم جدا أنه رغم قتامة القصة وسوداويتها فقد طبعها لمريني بلحظات ومشاهد للمرح والفكاهة تكسر الجدل وحدة النقاش ناهيك عن المشاعر الإنسانية التي ربطت بين بطلي الفيلم مما خفف من حدة القصة ومنح المشاهد شحنة من الأحاسيس الإيجابية .