ثقافة وفن

الدكتور منير القادري  .. ذكر الله درب الوصول والحياة لكل موصول

الأحداث المغربية الاثنين 06 يونيو 2022
F2C60896-8229-4ED2-A0E3-5154D5E25024
F2C60896-8229-4ED2-A0E3-5154D5E25024

AHDATH.INFO

مداغ: 6-6-2022

قال الدكتور مولاي منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى بأن ذكر الله هو حياة الروح و جلاء لما في القلوب وتربية للنفوس، وأنه روح الحياة وسعادتها.

جاء ذلك  ضمن مداخلته السبت الخامس من الشهر الجاري، في الليلة الرقمية 107 ضمن فعاليات ليالي الوصال الرقمية  التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال، يذكر انه خلال هذه الليلة الرقمية تم تقديم التهاني وأجمل الأماني الى أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة ازديان فراش الأمير مولاي رشيد وعقيلته الأميرة للا أم كلتوم  بمولود ميمون أطلق عليه جلالته اسم الأمير مولاي عبد السلام، مع الدعاء الصالح لجلالته بالحفظ والنصر والتأييد.   

 وفسر القادري قوله بأنه  بذكر الله تُستجلَب النعم، وتُستدفَع النقم، وأنه  النعمة الكبرى والمنحة العظمى، وأضاف أن من ذاق عرف، ومن عرف اغترف، ومن حُرِمه انحرف، وزاد مرغبا في الذكر بقوله: "وجرِّب تجِدْ"، مستشهدا بقوله تعالى : "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ."،صحيح البخاري.

ولفت الى أن العبادات في الإسلام   موقوتة بمواقيت الزمان، أو مؤطرة بأُطُر المكان، وأن لها حدًّا معلومًا،  غير الذِّكر الذي لم يجعل له الله تعالى حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه، إلاَّ مغلوبًا على أمره، مستدل بقوله عز وجل: ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾[النساء: 103].

 

وأردف أن ذكر الله هو العبادة الوحيدة التي يُشترط لها الكثرة في الأداء؛ لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"، “وقوله "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” ونبه الى أن  “القِلَّة” في الذكر من علامات النفاق، مستشهدا بقوله تعالى في ذكر أوصاف المنافقين : "يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا".

 

ودعا المتحدث ذاته الى تطبيق وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الواردة في قوله "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله"، مبرزا مجموعة من فوائد الذكرو مشيرا في هذا الصدد الى ان الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ  ذكر في كتابه (الوابل الصيب)  أكثر من سبعين فائدة للذكر، منها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، ويرضى الرحمن عز وجل، ويزيل الهم والغم والحزن، ويجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.

واسترسل القادري في ابراز  فوائد  الذكر، ذاكرا منها : أنه يقوي القلب والبدن، وينور الوجه والقلب ويجلب الرزق ...و أنه يورث المراقبة حتى يدخل العبد في باب الإحسان فيعبد الله كأنه يراه.

وأوضح أن الذكر هو المنزلة الكبرى التي منها يتزود العارفون، وفيها يَتَّجِرون وإليها دائمـًا يترددون، وهو قوت قلوب العارفين، وأنه السبب الواصل والعلاقة بينهم وبين علام الغيوب، موردا قول الإمام القشيري في رسالته :” الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل احد إلى الله تعالى إلا بدوام الذكر ".

وشدد على أن السالك طريق الحق لا يستغني عن الذكر مهما كانت رتبته ومقامه، فتأخذ نفسه من التزكية والطهارة في كل مقام بحسب ما تقتضيه وظائفه، مذكرا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابو الدرداء: "ألَا أُنبِّئُكم بخَيرِ أعمالِكم، وأزكاها عندَ مَليكِكم، وأَرْفعِها في دَرَجاتِكم، وخَيرٍ لكم مِن إنفاقِ الذهَبِ والوَرِقِ، وخَيرٍ لكم مِن أنْ تلقَوْا عدُوَّكم، فتضرِبوا أعناقَهم؟ قالوا: بلى قال: ذِكْرُ الله"ِ   

وأشار الى أن السادة الصوفية اعتبروا الذكر العمدة في الطريق والرُّكن الركين في السير والسلوك، والأساس المتين في التخلية والتحلية والترقي، وأن جميع الخصال المحمودة عندهم راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر؛ وأنه من خلال الأذكار، يقوم شيوخ التصوف بتدريب المريدين على تطهير قلوبهم وأرواحهم، موردا قول الفقيه العلامة ابن عاشر في منظومته المرشد المعين:  

يَصْحَبُ شَيْخَاً عَارِفَ المَسَالِكْ   *   يَـقِـــيهِ في طَرِيقِهِ المَهَالِكْ

يُـــــــــــــذَكِّـرُهُ اللهَ إِذَا رَآهُ    *   وَيُوصِــلُ العَبْدَ إلى مَوْلَاهُ

ونوه الى أن اعتماد الذكر كتجربة روحية حية تنعكس أنوارها في عقل السالك المحسن ونفسه وروحه فتمكنه انطلاقا من المعاني الروحية التي تمده بها الى ان يكون صالحا في نفسه مصلحا ونافعا في محيطه، فيصبح بذلك مواطنا منتجا للقيم الأخلاقية في مختلف مناحي الحياة، مما يسهم في استنهاض همم الأفراد إلى الاشتغال ببناء الذات والتفاعل مع هموم المجتمع تفاعلا إيجابيا وبناء، و مساهما في بناء أسس المواطنة الكاملة.