ثقافة وفن

مجموعة "اعبيدات الرما خريبكة".. أيقونة الغناء الفلكلوري التي شقت مسارها نحو العالمية

أسامة خيي الخميس 09 أبريل 2015
مجموعة "اعبيدات الرما خريبكة".. أيقونة الغناء الفلكلوري التي شقت مسارها نحو العالمية
AR

AHDATH.INFO - و م ع

بأعضائها السبعة ولباسها التقليدي المميز وآلاتها الموسيقية التراثية البسيطة استطاعت مجموعة "اعبيدات الرما خريبكة" التي تأسست سنة 1996 أن تفرض حضورها كواحدة من أبرز الفرق الفنية الفولكلورية التي شقت مسارها نحو الشهرة العالمية.

فبإبداعها الموصول في سماء الإيقاعات المغربية على مدى عقدين من الزمن وحرصها على المحافظة على الموروث الثقافي الشعبي بالرغم من تنامي موجة الأغاني الشبابية، انطبعت التجربة الفنية لهذه المجموعة بلون خاص ميزها في الحقل الموسيقي الشعبي بالمغرب.

وتقدم الفرقة من خلال ريبرتوار متنوع مجموعة من الأغاني التراثية بأسلوب مطور بغرض تعريف الأجيال الحاضرة بسجلات تليدة من تاريخ الأغنية الشعبية الأصيلة.

واستطاعت هذه المجموعة، أن تساهم في نشر الفرجة الشعبية بحيث أصبح صيتها ذائعا بمختلف ربوع المملكة مما أهلها لإحياء سهرات بعدد من المهرجانات العالمية بكل من تونس وقطر وفنزويلا ورومانيا وكندا والشيلي وكذا بمجموعة من العواصم الأوروبية حيث مكنتها هذه التجربة من كسب اعجاب جماهير واسعة داخل وخارج المغرب.

وقد أشرت التجربة الغنائية المحلية للمجموعة، التي أنتجت حوالي 200 أغنية و159 ألبوما وفيلما غنائيا و6 فيديو كليبات أشهرهم "العطار"، "محاربة الأمية"، "شميشة"، "الحلاوة"، على دخول الفرقة في منعطفات جديدة أغنت مسارها وإشعاعها الغنائي من خلال صدور كليب فيديو جديد تحت عنوان "مغاربة ونفتخر" الذي تم تصويره بالمغرب ودول كإيطاليا ورومانيا وشاركت فيه نخبة من الفنانين العالميين من الهند وماليزيا وايطاليا السنغال.

وساهمت هذه التجربة الغنائية لفرقة اعبيدات الرما (خريبكة) ، صاحبة الأغاني المشهورة (نعمر الدار، العطار، الصحراء المغربية ،الشجعان)، في تبوئها مكانة متميزة كأبرز الفرق الفلكلورية بمنطقة خريبكة التي تتغنى بالتراث الشعبي وتعالج مواضيع لها ارتباط بالمجتمع البدوي جعلت من فن اعبيدات الرما تراثا ذا خصوصية مغربية استطاع أن يصمد في وجه أغاني الشباب والألوان الموسيقية العصرية.

وتؤدي المجموعة، التي يرأسها مقدم ينظم وينسق العمليات الغنائية ، بشكل جماعي أغاني وأهازيج تلامس الحياة اليومية للساكنة والتغني بالطبيعة والتغزل بالمرأة، ورقصات استعراضية تترجم أشكال الرماية وحركات نابعة من تراث المجتمع البدوي خاصة ذات الارتباط بالفلاحة وغزل الصوف والطبخ وعادات وتقاليد المرأة القروية، يزيد من جمالها تناسق اللباس التقليدي المغربي (الجلابة التقليدية والبلغة والرزة والشكارة) الذي يبرز مهارات أنامل الصانع التقليدي، ويستعمل كشكل من أشكال التعبير الحركي والرمزي.

ويعتمد أعضاء الفرقة في أداء أغانيهم، التي غالبا ما تؤدى بالدارجة المغربية، على أدوات موسيقية بسيطة (البندير، التعريجة والمقص) تساعدهم على ضبط إيقاعات المقاطع الموسيقية وصنع فرجة لجمهور هذا اللون الغنائي الذي أصبح يحظى بإقبال متزايد بالمغرب خصوصا في المهرجانات والمناسبات والأعراس.

وقال الباحث والناقد في مجال الفنون الحبيب ناصري إن مجموعة "اعبيدات الرما خريبكة" تمثل نموذج مجموعة تراثية فنية شعبية تساير روح العصر وتندرج في مسار فني شعبي مغربي عريق حيث استطاعت أن تجد لها مكانة متميزة في تحقيق الفرجة سواء داخل أو خارج الوطن، مضيفا أن مشاركة الفرقة في مهرجانات دولية يؤكد الحضور المتميز للفرجة الشعبية المغربية وخصوبة روافد التراث المغربي العريق.

واعتبر ناصري أن الأدوات الموسيقية المستعملة والزي التقليدي المغربي للمجموعة يجعل منها فرقة تراثية متشبثة بالمحافظة على الأصالة المغربية والتعريف بمنتوجات الصناعة التقليدية وتشبعها بالجذور الفنية البدوية الشعبية.

وأكد ناصري، من جهة أخرى، أن فن اعبيدات الرما، الذي يعود أصل تسميته إلى المرافقين للصيادة في عملية الصيد، يعد من الفنون الفرجوية الشعبية ما قبل المسرحية التي عرفها المغرب كشكل غنائي تعبيري شفهي وإبداعي يقدم فرجة متجذرة في تربة البادية، داعيا إلى إعادة الاعتبار لهذه الفرجة من خلال تعميق البحث العلمي وتجميع النصوص القديمة وتوثيقها، بل وجعلها مادة للتحليل السوسيولوجي والسيميولوجي والتاريخي.

يذكر أن مدينة خريبكة تحتضن سنويا مهرجانا وطنيا لفن اعبيدات الرما يهدف إلى إحياء هذا الفن والحفاظ عليه وحمايته وصيانته، وكذا العناية والاهتمام بالشيوخ والجمعيات والفرق الممارسة في هذا المجال وتشجيعها وتحفيزها ماديا ومعنويا من أجل الإنتاج والعطاء المستمر.

كما يهدف هذا المهرجان، الذي تنظمه وزارة الثقافة ، إلى تدوين وتوثيق وتسجيل المعاني والأصوات العتيقة والعريقة لهذا الفن والتعريف به وطنيا ودوليا وتقريبه من الجمهور وتحبيبه إلى الأجيال الصاعدة، فضلا عن تحسيس الأوساط الثقافية والعلمية للاهتمام والعناية بهذا الفن في أبحاثها ودراستها.