مجتمع

أزيد من 80 شريطا إباحيا يدمر حياة مراهقة .. شهادة صادمة لضحايا العنف الرقمي بالمغرب

سكينة بنزين الثلاثاء 08 ديسمبر 2020
Capture
Capture

AHDATH.INFO

"المرجو عدم الكشف عن صورتها،يكفي الدمار النفسي الذي لحق بها وبأسرتها"، كانت هذه أهم ملاحظة رددتها بشرى عبده، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، صباح اليوم الثلاثاء 8 دجنبر، خلال الندوة الصحفية المخصصة لتقديم دراسة تحليلية لظاهرة العنف الرقمي بالمغرب، حين كان كل صحافي يحاول الاقتراب من الشابة ووالدتها للظفر بشهادة حول تجربة مريرة كانت أبلغ من لغة الأرقام الجامدة.

في قلب القاعة التي قدمت بها الحصيلة بفندق بالدار البيضاء، كانت الضحية في كامل أناقتها وهدوئها. تبدو للوهلة الأولى شابة تغادر للتو عالم الصبا بضفيرتين مسدلتين على صدرها وهي تتلمس طريقها نحو العشرين، بعد أن بدأت محنتها في سن السابعة عشر، " واش ممكن ناخذ لك صورة من الخلف؟" هكذا سألت الضحية وأنا أتقدم نحوها على مضض بعد أن تخاطفت العديد من المواقع قصتها مع التركيز على معطيات قد تبدو مثيرة لعناوين صحفية آخر همها جوهر الظاهرة وكيفية التصدي لها، "ماشي مشكل" ترد الشابة التي امتلكت من القوة ما يكفي لتقاسم مرارة تجربتها على انفراد مع كل صحفي، قبل أن تخونها قوتها حين تناولت الميكروفون لتتحدث أمام القاعة.

خلال تقديم خلاصات الدراسة

الشابة الحاضرة داخل القاعة كانت صوت 215 ضحية تمكنت من طرق باب جمعية التحدي للمساواة والمواطنة خلال سنة، في الوقت الذي تتجرع فيه آلاف الضحايا مرارة الابتزاز والعنف الرقمي في صمت. أصل الحكاية التي تشبه في تفاصيلها عشرات القصص، لمراهقة قادها الموقع الأزرق لمصيرها المؤلم، بعد أن تعرفت على شاب  مغربي  مقيم بالخليج أوهمها وأوهم أسرتها برغبته الجادة في الارتباط، فكانت الأسرة على علم بالقصة التي اعتقدوا أنها ستنتهي نهاية سعيدة، وستمر أطوارها في ظروف آمنة، حسب رواية الأم التي كانت المؤازر الوحيد لابنتها بعد أن تنكر لها الجميع.

"كنت أعتقد أنها في مأمن من الاغتصاب بما أنها على علاقة مع رجل بعيد عنها طلبها للزواج " تقول الأم بصوت تغالبه الدموع، مؤكدة أنها كانت تجهل أن في غرفة طفلتها هاتف يقرب المسافات ويمهد الطريق لاغتصاب افتراضي استيقظت الأسرة على وقع صدمته، بعد أن أصبح للابنة رصيد يفوق 80 فيديو إباحي قام "الزوج المنتظر" بتصويرها في اللحظات الحميمية التي جمعته عن بعد بالضحية، "كنت أقوم بما يطلبه مني وكأنه بجواري" تقول الشابة وهي تنظر للأرض بعد أن تحول العريس لمبتز يتاجر بفيديوهاتها التي لم يتردد في إرسالها لشقيقها وكل معارفها مما اضطر الأسرة لمغادرة الحي وقطع الصلة بكل المعارف الذين توصلوا بدورهم بالفيديوهات الإباحية التي تخص قريبتهم.

الضحية خلال الإدلاء بشهادتها

أم الشابة التي وصفتها نساء جمعية التحدي بالبطلة، كانت آخر سند لابنتها بعد أن قرر الجميع التخلي عنها وهو يحمل في هاتفه صك اتهام لا يغتفر، ولا يمكن التخلص منه بكبسة زر، " أنا مرضت فحياتي، ودمرت ماديا ومعنويا .. بنتي ضاعت وكل الأبواب أغلقت في وجهنا" تقول الأم التي لجأت رفقة ابنتها للمؤسسة حيث وجدت الدعم النفسي والقانوني الذي مكن من إلقاء القبض على الجاني بانتظار الحكم عليه بعقوبة رادعة.

"أنصح كل البنات بعدم الثقة وتسليم أنفسهن لأي رجل كيفما كان .. في البداية سيظهرون بمظهر الرجل الذي سيحميك، وسيفعل كل شيء ليرضيك إلى أن تقعي في الفخ وبعدها يكشف عن وجهه الحقيقي" تقول الضحية التي تحدثت عن مرورها بظروف صعبة تنتظر أن ينصفها القانون للتخفيف من حدتها، مشيرة أن الناس اليوم يحكمون عليها من الفيديوهات " الناس خداو عليا فكرة خيبة" تقول الشابة وهي تغالب دموعها بعد قصة استغلال باسم زواج دامت ثلاث سنوات، كان يأمرها خلالها بعدم مغاردرة المنزل إلا بموافقته، بعد أن منعها من الذهاب للبحر وأمرها بوضع الحجاب!!!

وعلى عكس من اخترن التواري، لم تتردد لبنى في الإدلاء بشهادتها بوجه مكشوف، "أنا معنديش علاش نحشم" تقول السيدة بروح مرحة، متحلية بقتالية سيدة جمعوية تمثل شركة أمن خاص، وهو المجال الحكر على الذكور، مما جعلها كامرأة عرضة للتشهير على مواقع التواصل من طرف أشخاص يكنون لها عداء شخصي، " المرأة هشة تجاه التشهير .. والاساءة بجوج كلمات تقدر تدمر حياتك من شخص يصدقه الجميع فقط لأن الضحية امرأة"، تقول لبنى التي لم تتردد في متابعة المشهر بها عبر مواقع التواصل.

ضحية التشهير لبنى خلال الإدلاء بشهادتها

خلف هذه الشهادات معاناة آلاف المغربيات اللواتي يتعرضن يوميا لعنف رقمي، قد يكون تحرشا، أو قذفا، أو تشهيرا، أو تنمرا ... خلف شاشات تسهل مهمة عدد من الجبناء الذين لا يقوون على المواجهة، أو يرون في التشهير أسهل سلاح لتدمير النساء من فئات عمرية واجتماعية مختلفة، حيث كشفت الدراسة أن العنف الرقمي يطال النساء من 34 في المائة من النساء دون سن 18 سنة، و 40 في المائة ما بين 18 و 28 سنة، وتتوزع باقي النسب ما بين 38 و 59 سنة.

المستوى الدراسي بدوره لم يكن مانعا من وقوع النساء ضحية هذا العنف، حيث يطال هذا العنف جامعيات كما الأميات، ويبقى الواتساب في مقدمة منصات التواصل الاجتماعي التي تسهل عملية التعنيف الرقمي الذي يشمل التحرش، والتشهير، والتنمر، والسب والقذف، والعنف اللفظي ... يليه الفيسبوك، ثم الانستغرام والماسنجر.

وكشفت الدراسة التحليلة أن ما يقارب 87 في المائة من ضحايا العنف الرقمي فكرن في الانتحار، وما يقارب 20 في المائة منهن حاولن الانتحار، بينما أقدمت سيدة منهن على الانتحار بالفعل.

وعن الاثار التي يخلفها العنف الرقمي على الضحية، رصدت الدراسة عشرات الآثار التي كان في مقدمتها الانهيار العصبي، التفكير في الانتحار، الإحساس بالذنب، الحزن، الأرق، العصبية، الاكتئاب، فقدان الثقة في النفس، الشعور بالاستحقار، الاغتصاب، محاولات انتحار، العزلة، الرفض الاجتماعي، الرفض الأسري، تدهور مستوى العيش، فقدان العمل، فقدان السكن.

ومن الملاحظات المثيرة للاهتمام خلال محاولة حصر لائحة الأشخاص المتورطين في ممارسة العنف على النساء، كشفت الدراسة أن 60 في المائة من المعتدين هم أشخاص معروفين لدى الضحية ( صديق حميم، زوج، خطيب سابق، حبيب سابق، المشغل، زميل في العمل، الخطيب، أحد أفراد العائلة)، وهو ما يدعم دور الفضاء الرقمي وفعاليته في الأعمال الانتقامية ضد النساء، حيث يضمن المعتدي أن التشهير يلقى الانتشار في مدة قياسية، وأن المجتمع يميل بطبعه لتصديق الإشاعات والبحث عن الفضائح خاصة الجنسية منها.

وأشارت الدراسة التحليلية خلال تناول كيفية تصدي المغربيات للعنف الرقمي، أنه من بين 215 ضحية طرقت باب الجمعية، اختارت 34 في المائة فقط تبليغ السلطات أو أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، في حين 66 في المائة اخترن الصمت وهو ما يحول دون رسم معالم حقيقة تكشف عن بشاعة الظاهرة.