آراء وأعمدة

حكيم بلمداحي يكتب: مصداقية التقارير

طه بلحاج الاثنين 15 يونيو 2020
FEMMES_MARCHE
FEMMES_MARCHE

AHDATH.INFO- حكيم بلمداحي

أصدرت جمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان تقريرها السنوي تحت عنوان «وضع الحقوق والحريات بالمغرب خلال سنة 2019».

التقرير، الذي جاء في 115 صفحة، تطرق لعشرة محاور شملت الحق في الحياة وحرية الجمعيات وحرية التجمع والتظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد والحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين وحقوق السجناء وأوضاع السجون وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وحقوق المهاجرين وأخيرا محور

الحق في حماية الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي.

التقرير فصل في المواضيع العشرة التي اختارها وتقدم بتوصيات أغلبها ركزت على مطلب ملاءمة القوانين الوطنية مع دستور المملكة ومع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

لا أريد هنا أن أناقش مضامين التقرير وخلاصاته وتوصياته، ولكن هناك نقطة أساسية تشد الانتباه.. يتعلق الأمر بمنهجية التقرير المذكور وتقسيمه وظروف تقديمه، وهي نقط أساسية في مدى مصداقية أي تقرير واحترافيته.

فيما يتعلق بتقديم التقرير، نصت ورقة تصديره على أنه كان من المفروض أن تقوم الجمعية بتقديمه في وقت سابق بعد جاهزيته، لكن ظروف البلاد مع جائحة كوفيد 19 أدت إلى تأخيره إلى هذا الوقت.

بخصوص المنهجية التي اتبعها التقرير كما تم تفصيله في التصدير، فقد اتبع الخطوات الأساسية كما تحددها أعراف التقارير الموازية الخاصة بجمعيات المجتمع المدني. وسأغامر وأقول إن تقرير جمعية الوسيط في جانب المنهجية من أحسن التقارير التي قدمت في المدة الأخيرة سواء في مجال حقوق الإنسان أو في مجالات أخرى لجمعيات ومؤسسات.

التقرير احترم الشكليات المنهجية في إعداد التقارير الخاصة بالمجتمع المدني وقعد لمضامينه اعتمادا على مرجعيات محددة بينها بالنصوص. كما تطرق التقرير لظروف الإعداد وشروطه.. الأكثر من هذا جاءت في تأطير سماه التقرير بكلمة لابد منها، إشارات واضحة تحدد لماذا تم الاكتفاء بالمحاور العشرة دون غيرها والأسباب التي جعلته لم يتطرق إلى مواضيع أخرى دافعا في حالات عدة بقصور في الإمكانيات سواء اللوجيستيكية أو الخاصة بالمعطيات.

تقرير جمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحوق الإنسان ما كان ليستحق التنويه لولا ظهور أشياء يسميها البعض تقارير في السنوات الأخيرة وهي في الحقيقة لا ترقى إلى مستوى التسمية حيث هي عبارة عن أقوال صحف مصاغة في قالب إنشائي لا يحترم المنهجية ولا قواعد التقارير الخاصة بالمجتمع المدني أو بالمؤسسات الحمائية أو الاستشارية.

ولابد هنا من الإشارة إلى أن مشكلة التقارير، خصوصا الموازية منها عرفت تدهورا خطيرا منذ مدة زمنية، تبين ذلك من خلال ما يقدم للجهات المختصة ويعرض أمام العموم.

طبعا لا يمكن تعميم الحكم، فهناك جمعيات مغربية طورت إمكاناتها وسايرت التطورات الحاصلة في مجال إعداد التقارير وبرهنت عن فعاليتها في محافل عدة منها مجلس حقوق الإنسان في جنيف، لكن في المقابل ظلت جمعيات أخرى حبيسة طرق قديمة لم تطورها بالشكل المطلوب، وبعض هذه الجمعيات تلجأ إلى التغطية

على القصور المنهجي والمعرفي، باستعمال لغة صدامية تنهل من قاموس الحزبية والأيديولوجية.

لابد من الإشارة هنا إلى أن التقارير الموازية في السابق كانت تتسم بالجودة التي تغطي أحيانا على التقارير الحكومية، لكن الحاصل في المدة الأخيرة هو العكس، حيث لم تعد معظم تقارير الجمعيات تتمتع بالدقة المنهجية المطلوبة. قد يعود الأمر إلى التطورات التقنية، التي شهدها مجال إعداد التقارير والصرامة المنهجية التي

تشدد عليها التنظيمات المستقبلة لها. لكن أيضا يعود إلى نوع من التثبيت الحاصل عند العديد من الجمعيات التي لا تفصل بين السياسي والحقوقي ويعمل بعضها عنوة على استعمال هذا الخلط من أجل تصفية حسابات أو من أجل تمرير مواقف سياسية بواسطة أدوت حقوقية.

لا يختلف اثنان على أن أساس العمل المدني والحقوقي يتطلب المصداقية،  والمصداقية لها قواعد صارمة. وكل بناء لا يلتزم الدقة إنما هو نشاز وأداة للهدم.