الكتاب

عيد العرش والكفاح من أجل الحرية والاستقلال

أسامة خيي الاثنين 17 نوفمبر 2014
عيد العرش والكفاح من أجل الحرية والاستقلال
jebrou

بقلم: عبد اللطيف جبرو

في عهد محمد الخامس رحمه الله، كان المغاربة يحتفلون بعيد العرش كل سنة في يوم 18نونبر وبعد وفاته أصبح يوم 18نونبر من كل سنة يخصص للاحتفال بعيد الحرية والاستقلال، لأن الملك بعد عودته المظفرة من المنفى بيومين قال للمغاربة في خطاب العرش لعام 1955 بأنها «بشرى نزفها لك أيها الشعب بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ عهد الاستقلال والحرية».

ومع الأسف يمر 18 نونبر كل سنة بدون أن يعرف المسؤولون كيف ينظمون احتفالات وطقوس في مستوى المكانة أو الهالة التي يجب أن تكون لعيد الاستقلال حتى تعرف الأجيال كيف عرف المغرب انتزاع استقلاله.

لقد كان حصول المغرب على الحرية والاستقلال تتويجا لكفاح خاضه المغاربة ضد الوجود الاستعماري وضد الاحتلال العسكري وهو كفاح انخرطت فيه مختلف القوى الحية للشعب المغربي في المدن وفي القرى.

في 30 مارس 1912 سقطت بلادنا في الفخ الاستعماري عندما وقع السلطان عبد الحفيظ على معاهدة فاس التي فرضت فرنسا بمقتضاها على بلادنا حمايتها السياسية والإدارية والعسكرية. لقد كان التوقيع على معاهدة الحماية صدمة أصيب بها المغاربة ولهذا فعلى امتداد فترة طويلة استمرت المقاومة المسلحة ضد الوجود الاستعماري في المناطق الجبلية بالأطلس والريف ولم تتوقف المعارك إلا في عام 1934.

وتطور الكفاح ضد الاستعمار بأساليب أخرى وتزامن توقف المعارك المسلحة مع توسع حملات التوعية السياسية على يد رواد الحركة الوطنية التي كان ظهورها في الساحة النضالية أهم مكتسب حققه المغرب كرد فعل على الوجود الاستعماري وبذلك استطاع الوطنيون أن يقنعوا المغاربة بأن عليهم أن يوحدوا الصفوف ويعملوا على تقوية تماسكهم للقضاء على عهد الحجر والحماية.

كان الخطاب الوطني يلح على التعريف بالحالة التي كانت عليها بلادنا، قبل أن يفرض الفرنسيون وصايتهم علينا، وهي حالة ناتجة عن التخلف وضعف الدولة، دولة المخزن بطبيعة الحال، ولهذا فالحركة الوطنية تريد أن تقود الشعب إلى مرحلة يصبح فيها المغرب دولة عصرية وقوية لا علاقة لها بتلك الدولة المتأخرة عن ركب الحضارة والتي عجزت عن تأطير المغاربة للدفاع عن سيادتهم وكيانهم الوطني.

وطبعا لا يمكن أن تتوفر بلادنا على دولة عصرية وقوية إلا بعد انتزع الاستقلال الذي سيمنح للمغاربة هامش العمل والتحرك والتصرف والانتقال إلى عهد الدولة القوية ولهذا كانت المطالبة بالحرية وبالاستقلال.

في يوم 18 نونبر من كل سنة كان الاحتفال بعيد العرش، عيد جلوس الملك محمد الخامس مناسبة لإقامة الأفراح والحفلات ومعها تجمعها وتجمهرات وطنية للمطالبة بالحرية والاستقلال حتى تتمكن بلادنا من الانتقال إلى عهد ديموقراطي.

وكان المغفور له محمد الخامس يقول في خطاب بأن بلادنا بعد انتقالها إلى عهد جديد ستعمل على إقامة نظام ديموقراطي يجعل الشعب يحكم نفسه بنفسه.

هكذا انخرط الملك في معركة التحرير الوطني وبسبب دوره في قيادة الكفاح من أجل الحرية والاستقلال تعرض لعدة مضايقات انتهت بعزله وإبعاده عن المغرب في 20 غشت 1953 .

آنذاك اعتقد الاستعماريون الفرنسيون ومعهم عملاؤهم من الخونة ورجال المخزن بأن شعلة الحركة الوطنية قد تم إخمادها، وأن نظام الحماية سيستمر بالمغرب لعشرات السنين ولكن، ما أن شعر المغاربة بالخيبة والمرارة جراء نفي الملك حتى برزت المقاومة المسلحة فكان ذلك من عوامل خيبة أمل أعداء الملك، لهذا ستضطر الحكومة الفرنسية، أن تعيد الملك إلى فرنسا يوم فاتح نونبر 1955 تمهيدا لعودته إلى عرشه.

وبالفعل عاد الملك إلى الرباط يوم الأربعاء 16 نونبر وبعد يومين ألقى خطابا أمام مئات آلاف المواطنين في ساحة المشور قال فيه بأنه يزف للمغاربة بزوغ عهد الاستقلال والحرية. وبعد وفاته رحمه الله سيتحول عيد العرش في 18 نونبر من كل سنة إلى الاحتفال بعيد الحرية والاستقلال.