مغارة وحيد القرن تكشف أن ‘‘بيضاوة ‘‘كانوا ‘‘جزارة‘‘ منذ الاف السنين

متابعة  الاثنين 04 مارس 2024
61016d7fa2b78-631x380
61016d7fa2b78-631x380


تعد مغارة وحيد القرن الموجودة بمقلع أولاد حميدة 1 جنوب غرب الدار البيضاء، والتي تحتوي على أقدم بقايا آثار حيوانات أكلها الإنسان في الكهوف بالقارة الإفريقية، جزءا من هذا التراث الأثري الذي لا يقدر بثمن.

لتفسير أوضح، أكد عالم الآثار والباحث في علم ما قبل التاريخ عبد الرحيم محب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن " مغارة وحيد القرن تعد موقعا فريدا وأساسيا للبحث في تاريخ البشرية، حيث ساهمت في معرفة أسلوب حياة الإنسان منذ أكثر من 700 ألف سنة".

وأشار محب، وهو أيضا المدير المشارك للبرنامج الأثري الدولي "ما قبل تاريخ الدار البيضاء"، إلى أن " الحفريات الأثرية التي أجريت بين عامي 1991 و 2009 في الجزء من التجويف الذي تم قطعه من خلال استغلال المقلع أتاحت التعرف على مستويين أثريين غنيين للغاية بالبقايا المنسوبة إلى ما يسميه علماء ما قبل التاريخ الأشولية (ثقافة مادية تميز، في فترات ما قبل التاريخ، العصر الحجري القديم) ويعود تاريخها إلى أكثر من 700 ألف سنة".

استهلاك اللحوم.. قديم

قدمت مغارة وحيد القرن لعلماء الآثار مجموعة استثنائية من الأدوات الحجرية وأسنان الإنسان والعديد من عظام الحيوانات الغنية جدا ببقايا وحيد القرن بما في ذلك العديد من الجماجم الأحفورية الكاملة.

وأبرز محب أنه "تم في السابق (1972) اكتشاف بمقلع أولاد حميدة 1، حيث يقع حاليا كهف وحيد القرن، حفريات بشرية لإنسان موريتانيكوس/ روديسي مكونة من أجزاء من الفك العلوي والأسنان".

وتكمن خصوصية مغارة وحيد القرن أيضا في اكتشاف العديد من عظام الحمار الوحشي والظباء التي تحمل علامات أنشطة الجزارة واستهلاك اللحوم. وأوضح محب أن هذه العلامات تظهر على شكل خطوط خلفتها أدوات حجرية حادة، وتأثيرات القرع وآثار أسنان الإنسان.

وحسب الدراسات التفصيلية التي أجراها علماء آثار بعثة الدار البيضاء، فإن هذه الآثار تشهد على عمليات السلخ والتفكيك واستهلاك اللحوم، وتزودنا بالتالي بمعلومات عن سلوك غذاء المجتمعات الأشولية الأولى في عصور ما قبل التاريخ في المغرب.

أثار استثنائية

وأبرز محب أن "كل هذه الاكتشافات تجعل من مغارة وحيد القرن موقعا استثنائيا على صعيد القارة الأفريقية"، مضيفا أن " العلماء يؤكدون أن علامات القطع هذه التي تم تحديدها على العظام تمثل أقدم سلوك جزارة في العصر الحجري القديم في المغرب يعود تاريخه إلى ما لا يقل عن 700 ألف سنة مضت، كما تشهد على أقدم (المستحاثات) لحيوانات تم استهلاكها داخل مغارة من طرف الإنسان بالقارة الإفريقية.

ودعا في هذا السياق، إلى تثمين أفضل لهذا الموقع الأثري، نظرا لتواجده في مقلع ردم جزئيا، وغير مسجل أو مصنف في قائمة التراث الثقافي الوطني.

يشار إلى أن مدينة الدار البيضاء تحتوي على مواقع أثرية مختلفة منها على الخصوص، مقلع أهل الأغلام (2.5 مليون سنة)، مقلع توماس الأول (+1.3 مليون سنة)، ومغارة وحيد القرن (+700000 سنة) ومقلع سيدي عبد الرحمن (500 ألف إلى 300 ألف سنة). وهكذا، تزخر مدينة الدار البيضاء بتراث غني لعصور ما قبل التاريخ معروف على المستوى العالمي.

وأبرز عالم الآثار عبد الرحيم محب أنه "بفضل تاريخها الجيولوجي وموقعها الجغرافي، تحتفظ المدينة بمجموعة لا مثيل لها من الفرص لمعرفة أحافير الإنسان القديم وثقافاته المادية وسلوكياته المعيشية وبيئاته الفيزيائية والبيولوجية التي تعود إلى مئات الآلاف من السنين".

وأكد أن الأدوات الحجرية وبقايا الحيوانات والحفريات الأنثروبولوجية المكتشفة في رواسب ما قبل التاريخ بالدار البيضاء تشكل حتى الآن الدليل الأثري الوحيد الذي يوضح أقدم مراحل الاستيطان البشري في المغرب منذ مليون و300 ألف سنة على الأقل.