في الحاجة لـ"مؤثرين" يدفعون العلاقات المغربية الجزائرية نحو خانة "الأفضل"

الثلاثاء 01 أغسطس 2023
No Image

.أحداث أنفو – بقلم سكينة بنزين

منذ سنتين، و تحديدا الذكرى 22 لتربعه على العرش، قال الملك الذي يتمسك في كل خطاب بتمرير تطمينات للجيران، " نتأسف للتوترات الإعلامية والدبلوماسية، التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تسيء لصورة البلدين، وتترك انطباعا سلبيا، لا سيما في المحافل الدولية."

للأسف هذه الجملة المفتاح، لم تكن حاضرة بالوعي الكافي عند عدد من المشتغلين بالشأن السياسي والإعلامي، حيث واصل البعض بنفس "صبياني" الدخول في ملاسنات وتعليقات وتحليلات، كانت بعيدة كل البعد عن النهج الرصين الذي اتخذه المغرب في التعاطي مع "شطحات النظام الجزائري"، الذي كان يغرد دائما خارج سرب شعبه المحتفي في كل مناسبة بطبيعة العلاقة مع المغرب، وفق ما تترجمه شهادات من زار المغرب، أو الصداقات والمصاهرات التي تجمع أسرا من البلدين، أو حتى الجاليات المغاربية التي تتاح لها فرصة تقوية علاقات خارج الحسابات الضيقة للخطابات الرسمية المتوترة .

إلا أن انزلاق البعض في الردود المتشنجة مع ثورة وسائل التواصل التي أتاحت للكل الحديث في الشيء وضده، وفي اللاشيء أيضا، ضيع على الجيل الجديد السهل التطويع والتوجيه افتراضيا، فرصة تقديم نموذج حسن الجوار المغربي الذي اعتاد تقديمه لعقود، ومن المؤسف أن بعضا من الحاملين لصفة "مؤثر" الراكضين خلف عدد اللايكات والتفاعلات التي يسهل حصدها من خلال مسايرة أسلوب السب، والشتم، والتهكم، والسخرية الفظة ... ساهموا في خلق خطاب شعبوي متشنج موازي للخطاب المعتدل المبني على روح الأخوة وحصر دائرة الخلاف بالتذكير دائما، أن أصل المشكل مع حفنة صغيرة ونافذة تتحكم في مصير الجيران، لا مع ملايين الجزائريين الذين كان ملايين شهدائهم فخرا مغاربيا مشتركا، وتراثهم امتدادا لتراث إنساني مشترك، وموسيقاهم ذات شجن وتمايل مشترك لا يقيم حدودا وهمية ولا يفتعل نقاشات متعصبة تنتهي بمحاولات انتحال وسطو باتت منظمة.

إن المشكل اليوم، هو في ذلك التمدد الافتراضي القادر مع الوقت على خلق مغالطات، قد تتحول بقوة التكرار إلى "شبه مسلمات"، خاصة بين صفوف جيل z الذين يعتقد ما يقارب النصف منهم، أن المؤثرين أكثر أهمية من باقي القيادات السياسية التي كانت تلعب دورا في تأطير الجماهير خلال العقود الماضية، قبل أن تتحول لمجرد جهات تتصارع على ما بقي لها من حيز التهمه قادة المال والأعمال والترفيه بملحقاته الإعلامية التي أعادت تشكيل نفسها ...

في خطاب العرش يوم السبت، 29 يوليوز، سيتحدث الملك مرة أخرى، وعلى غرار المرات السابقة التي تظهر أن الحديث عن الجزائر، ليس موضوعا مناسباتيا، بالنظر لما يليه المغرب في بعد نظره الاستراتيجي لفكرة الاستقرار التي باتت أكثر تعقيدا في ظل المتغيرات المتواصلة السائرة نحو تشكيل معالم، يبدو أنها صعبة التشكل لكثرة اللاعبين الدوليين، لكن المغرب الماسك بخيوطها، يمعن في كل مرة بعدم إفلات خيط حسن الجوار، وبالكثير من المودة هذه المرة وفق ما جاء على لسان الملك الذي عمد إلى رفع اللبس عن طبيعة العلاقات بين المغرب والجزائر، التي يتهافت المحللون وأشباه المحللين على تشريحها كلما سنحت الفرصة للذهاب بها نحو خانة "التوتر" ... إلا أن الملك أشار في خطابه باعتباره الماسك الأول بورقة الخارجية، أن العلاقات مستقرة، مع التطلع نحو الأفضل، قبل أن يضيف " وفي هذا الصدد، نؤكد مرة أخرى، لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء، وكذا الأهمية البالغة التي نوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين شعبينا، ونسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها ، ويتم فتح الحدود بين بلدينا وشعبينا، الجارين الشقيقين".

انتهى كلام الملك، ومعه يجب أن يبدأ اتجاه أكثر مهنية ووضوحا ونبلا في التعاطي مع طبيعة ما يريد له البعض أن يكون " توترا بين البلدين" خاصة على المستوى الإعلامي، وما يريد له المغرب وفق توجه ملكي أن يكون "تقاربا أخويا" كلما سنحت الفرصة ... لذلك وبعيدا عن الاجتهادات التي تستند على تخمينات أو إشارات قد يكون بعضها مربكا عن قصد أو غير قصد، هذا الملك يقول صراحة أن العلاقات مستقرة، مع طرق باب الاجتهاد في الدفع بها نحو خانة "الأفضل"، و من المؤكد أن الإعلام المهني أحد أهم الأدوات البارعة في صناعة الأفضل كما "الأسوأ" طبعا ...