بعاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة، اجتمع نخبة من الأصوات الإعلامية والفكرية والأدبية من المغرب والعالم العربي وإفريقيا في إطار فعاليات الدورة الثالثة لـ"ملتقى العيون للصحافة بإفريقيا و الشرق الأوسط" الذي نظمه نادي الصحراء للصحافة والتواصل أيام 24 و 25 و 26 دجنبر الجاري، والذي تباحث حول دور السلطة الرابعة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تحت شعار "الصحافة في خدمة القضية الوطنية.. رؤية مشتركة"، واختار المنظمون عدد من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط ضيوف شرف لهذه النسخة، في خطوة تعكس انفتاح الملتقى على محيطه العربي والإقليمي، وتعزيز جسور التواصل الإعلامي بين مختلف الدول المشاركة.
وأجمع المشاركون على تحول الإعلام الوطني من مجرد ناقل للأخبار إلى فاعل استراتيجي في معركة الدفاع عن السيادة الوطنية، ومساهم رئيسي في ترسيخ وتنزيل مقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
وفي مداخلة عميقة، قدم عبد الله البقالي، نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب، تحليلا شاملا لواقع المشهد الإعلامي وعلاقته بالدفاع عن القضية الوطنية، وأشار إلى أن صعود المغرب كقوة اقتصادية وإقليمية يواجه مقاومة شرسة من أطراف ترفض تمدد نفوذه، مما يجعل من النزاع المفتعل حول الصحراء جزءا من معركة جيوسياسية أوسع، وشدد البقالي على أن الإعلام الوطني مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الانخراط الفاعل في معركة السيادة، ومواجهة منظومة العداء المتكاملة التي تستهدف المملكة عبر الحملات الإعلامية المضادة والأخبار المزيفة، مؤكدا أن مرحلة تنزيل الحكم الذاتي تتطلب خطابا إعلاميا احترافيا يعزز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
من جانبه، قدّم إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، رؤية تحليلية من الزاوية السياسية والدبلوماسية، مركزا على دلالات القرار الأممي رقم 2797، الذي وصفه بالمنعطف التاريخي الذي يقطع مع منطق الماضي ويجعل من المبادرة المغربية للحكم الذاتي الأساس الوحيد لأي تفاوض مستقبلي، وأوضح أن المغرب يتمتع اليوم بموقع تفاوضي مريح بفضل الدعم الدولي المتزايد والمواقف الإيجابية لقوى كبرى، إلى جانب التأييد الأمريكي الواضح، وكشف أن النسخة المحدثة من مبادرة الحكم الذاتي ستستحضر التحولات التنموية والمؤسساتية التي عرفتها المملكة، وسترتكز على ثلاثة محاور جوهرية: التسوية التوافقية، وطبيعة العلاقة بين المركز والجهة، وآليات التنفيذ.
لم يغب النقد الذاتي الصريح عن جلسات الملتقى، حيث تطرق الصحافي أنس مزور إلى أداء الإعلام العمومي، واصفا إياه بأنه لا يزال رسميا أكثر منه عموميا، وبعيدا عن هموم المواطن اليومية، كما ربط بين تحديات الإعلام ومسار العدالة الانتقالية، داعيا إلى استلهام إيجابيات تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في معالجة الجوانب الحقوقية والإنسانية المرتبطة بملف الصحراء، خاصة فيما يتعلق باستقبال العائدين من مخيمات تندوف.
واختتم الملتقى بتوصيات أكدت على ضرورة تطويع الخطاب الإعلامي ليتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة، التي تتجاوز مهمة الدفاع التقليدي إلى صناعة الرأي العام الواعي، وتثقيفه ليكون شريكا فاعلا في بناء مغرب المستقبل، القائم على أسس الوحدة الترابية والديمقراطية والتنمية المستدامة.
كما عرف الملتقى، لأول مرة، توقيع وتقديم مجموعة من المؤلفات ذات القيمة المضافة للمكتبة الوطنية، من بينها: كتاب "الوحدة الترابية… قضية المغاربة الأولى" للكاتب بوشعيب حمراوي، وكتاب "الحكم الذاتي في الصحراء المغربية… نحو نموذج مغربي للسيادة المرنة" للكاتب محمد الغيث ماء العينين، و كتاب "مغربية الصحراء… دلائل وحقائق" للمهندس عبد الله آيت شعيب.
فضلا تنظيم مسابقة للتصوير الفوتوغرافي بتنظيم من نادي الصحراء للصحافة و التواصل و نادي أكادير للتصوير الفوتوغرافي، شاركت فيها أكثر من 300 صورة حول موضوع المسيرة الخضراء انتهت بفوز 3 صور نهائية عبر المرور لجنة مختصة ضمت أكاديميين و متخصصين في التصوير من المغرب و فرنسا.