اختتمت مساء السبت فعاليات الدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي انطلق لأول مرة سنة 2001 بمبادرة ملكية سامية، بهدف ترسيخ التلاقح الثقافي ودعم الصناعات الإبداعية بالمملكة، وفي هذا السياق، قدم الأستاذ والباحث في الثقافة والفنون، أحمد الدافري، قراءة شاملة لأثر هذا الموعد السينمائي الكبير على الصناعة الثقافية والاقتصاد المحلي، إضافة إلى دوره في التسويق للمغرب كوجهة عالمية للتصوير.
أكد الدافري أن مهرجان مراكش لم يعد مجرد تظاهرة فنية سنوية، بل أصبح قاطرة تنموية حقيقية بالنسبة للمغرب والقارة الإفريقية. ويبرز ذلك من خلال تتويج أعمال إفريقية مهمة في حفل الاختتام، من بينها الفيلم التونسي الوثائقي "سماء بلا أرض" والفيلم الليبي الحاصل على جائزة لجنة التحكيم.
ويرى الدافري أن دعم السينما الإفريقية عبر منصة مراكش يعزز فرصة انتشارها عالمياً، ويحوّل المدينة الحمراء إلى مركز لصناعة الصورة في جنوب المتوسط.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وأوضح الدافري، أن المهرجان يخلق سنوياً ما بين 1000 و1500 فرصة عمل مؤقتة في عدة مجالات، منها النقل، الفندقة، اللوجيستيك والمطاعم، إلى جانب ارتفاع الحجوزات الفندقية وحركية السياح خلال فترة التظاهرة.
وأضاف المتحدث ذاته أن الحراك الاقتصادي الذي يرافق المهرجان يجعل منه آلية فعالة لدعم التنمية المحلية لمدينة مراكش وتنشيط القطاع السياحي والثقافي وطنيا.
وتوقف الدافري مطولا عند ورشات الأطلس، التي أُطلقت سنة 2018، والتي أصبحت اليوم منصة محورية لاكتشاف المواهب السينمائية وتمويل مشاريعها، وقد استفادت عبر هذه الورشات أعمال مغربية بارزة مثل: "كذب أبيض"، و"القفطان الأزرق"، إلى جانب الفيلم السوداني "وداعاً جوليا".
وأكد الدافري أن التمويلات التي تُمنح عبر هذه الورشات وشركائها الدوليين تتعدى في كثير من الأحيان 100 ألف يورو للمشروع الواحد، ما جعل المغرب منصة جذب لرؤوس الأموال السينمائية العربية والأوروبية.
في نفس الاطار شدد الدافري على أن المهرجان يلعب دورا كبيرا في التسويق للمغرب كوجهة تصوير دولية، مستشهدا باهتمام نجوم عالميين مثل جودي فوستر ولاورنس فيشبورن اللذين عبّرا خلال مشاركتهما عن رغبتهما في تصوير أعمال بالمغرب.
وأبرز المتحدث ذاته على ان مدنا مثل ورزازات، الرباط، الدار البيضاء، شفشاون والصحراء المغربية، تبقى من بين أبرز الوجهات التي تستقطب الإنتاجات العالمية الكبرى بفضل تنوع مناظرها الطبيعية والبشرية.
واعتبر الدافري أن لقاءات الماستر كلاس التي يقدمها كبار السينمائيين بالعالم تحولت إلى مدرسة مفتوحة يستفيد منها السينمائيون المغاربة. كما تساهم اللقاءات المهنية في بناء جسور التعاون بين شركات الإنتاج الوطنية ونظيراتها العالمية، خاصة شركات تنفيذ الإنتاج بالمغرب، ما يعزز الصناعة السينمائية الوطنية.
ويرى الدافري أن المهرجان يعرف منحى تصاعديا مستمرا، خاصة لكونه يركز على الأعمال الأولى والثانية للمخرجين الشباب، ما يجعله منصة لإطلاق جيل جديد من السينمائيين، ويمنح للمهرجان حضوراً دائماً في ذاكرة الفائزين.
وخلص الدافري في قراءته للأثر التنموي لمهرجان مراكش الدولي للفيلم على الصناعة الثقافية في المغرب إلى أن صدور قانون جديد للسينما في شتنبر الماضي، يعكس إرادة سياسية راسخة لتحويل المغرب إلى منارة سينمائية على مستوى العالم، ويُتوقع أن تسهم هذه الإصلاحات في جذب مزيد من الإنتاجات الضخمة، وتعزيز مكانة المغرب كقطب رئيسي في صناعة السينما.