شهدت مدينة مراكش، اليوم الثلاثاء 25 نونبر، محطة فارقة في مسار الأمن الدولي، بعد أن صادقت الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”، خلال دورتها الثالثة والتسعين، على قرار استراتيجي يُعد الأكبر من نوعه في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية، سيمنح دفعة قوية لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالجرائم السيبرانية، التي كانت تفتقر إلى آليات تنفيذية فعّالة، ليصبح الإنتربول ابتداءً من اليوم الجهة التقنية والعملياتية التي ستتولى قيادة هذا الجهد الدولي غير المسبوق.
الوثيقة التي حظيت بإجماع 196 دولة شاركت في قمة مراكش، شددت على ضرورة تجاوز العمل الفردي في مواجهة الجرائم السيبرانية، التي تنشط في فضاء رقمي عابر للحدود. وبموجب هذا القرار، ستتحول شبكات الإنتربول الآمنة وقواعد بياناته الواسعة إلى القناة الرسمية والوحيدة لتبادل المعلومات الحساسة حول التهديدات الإلكترونية، في خطوة تهدف إلى سدّ المنافذ التي تستغلها التنظيمات الإجرامية نتيجة نقص التنسيق بين الدول.
كما دعت الوثيقة الحكومات إلى التسريع في المصادقة على الاتفاقية الأممية، واعتماد الأدوات التي يوفرها الإنتربول لتنزيل مقتضياتها. وأبرزت أيضًا الحاجة إلى مواءمة العمل الدبلوماسي للدول مع الاحتياجات الواقعية لأجهزة الشرطة العاملة في الميدان، حتى لا تبقى القرارات الدولية منفصلة عن متطلبات الأمن العملي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
يحمل صدور هذا القرار التاريخي من المغرب دلالات رمزية قوية، خصوصًا أنه يتقاطع مع الرؤية المغربية التي جعلت من الأمن السيبراني عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات الاستقرار. ويؤكد اختيار مراكش لاحتضان هذا الموعد الدولي الكبير أن الأمر يتجاوز البعد البروتوكولي، ليعكس قدرة المملكة على توفير فضاء مؤسساتي قادر على احتضان نقاشات مفصلية وصياغة قرارات ذات تأثير عالمي.
ومن شأن هذا التحول أن يرسّخ اسم مراكش في الذاكرة الأمنية الدولية، بوصفها المدينة التي أعلن منها العالم عن بداية مرحلة جديدة في الحرب على الفوضى الرقمية، عبر دمج القدرات التقنية للإنتربول ضمن المنظومة الأممية.