الانتخابات الحقيقية

بقلم: حكيم بلمداحي الاثنين 17 نوفمبر 2025
حكيم
حكيم

بدأت الاستعدادات، في المغرب، منذ الآن إلى إجراء انتخابات تشريعية في السنة المقبلة، وبدأ الحديث عن القوانين الانتخابية، وعن إحاطة الاقتراع بالضمانات القانونية والأخلاقية.

وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت تحدث يوم الأربعاء الماضي في البرلمان عن ما بلغته تجربة الانتخابات في المغرب من نضج يخول إرساء القواعد الكفيلة بتخليق الحياة السياسية والانتخابية والوطنية بكيفية نهائية.

كلام السيد عبد الوافي لفتيت يأتي في إطار تهيئ الترسانة القانونية التي ستجرى في إطارها الانتخابات التشريعية المقبلة، وشروط إجرائها.

ويعد هاجس التخليق أحد تحديات المغرب في انتخاباته المقبلة، بعدما شهدت معظم التجارب الانتخابية السابقة، سلوكات تمس العملية الديموقراطية برمتها، وشكلت بعض تلك التجارب مجرد انتخابات صورية بعيدة كل البعد عن الممارسة الديموقراطية...

لقد مر المغرب من 11 تجربة انتخابية منذ استقلاله، وكانت عدة تجارب منها غير نزيهة على الإطلاق، حيث فبركت نتائجها وزارة الداخلية، وخلقت من خلالها أغلبيات حكومية على مقاس التحكم.

غير أن تجارب قليلة، خصوصا في العهد الجديد، عرفت تخفيفا في التزوير لكن بعضها شهد أشكال جديدة من الإفساد تمثلت بالخصوص في استعمال المال لاستمالة الناخبين. 

تأثير إفساد العمليات الانتخابية كان واضحا حيث انعكس ذلك على نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية بدرجات متفاوتة، لكنها تتناقص من انتخاب إلى آخر... فهل ينجح المغرب في استحقاقاته الانتخابية المقبلة، في القضاء على الفساد والمفسدين؟

هناك حقيقة أساسية وهي أن الانتخابات ركيزة أساسية في أي نظام ديموقراطي. فالانتخابات النزيهة والشفافة تجسد مبدأ السيادة للشعب، وتضمن التداول السلمي على السلطة، وتمثل التعددية داخل المجتمع، وتعزز الاستقرار السياسي.

غير أن الانتخابات ليست هي الديموقراطية. فهي مجرد تقنية ووسيلة للممارسة الديموقراطية. هذه الأخيرة التي تقوم على حرية الاختيار وتكافؤ الفرص وشفافية النتائج واحترام إرادة المواطنين.

كما أن الديموقراطية تقوم على مبادئ أساسية منها سيادة القانون، والفصل بين السلط ، وحماية الحقوق والحريات، واحترام التعددية السياسية، والشفافية والمساءلة، واستقال القضاء.

نحن إذن أمام منظومة من القواعد التي تستوجب الممارسة الديموقراطية احترامها.

لقد بلغ العديد من المواطنين المغاربة درجة كبيرة من الإحباط والتشكيك في مؤسساتهم، اعتمادا على ما عرفته تجارب سابقة انتخابية كانت محط شبهات من حيث عدم احترام قواعد الممارسة الديموقراطية. لقد استعمل منتخبون وأحزاب سياسية المال لشراء الأصوات، واستعملت في بعض الانتخابات كل وسائل التزوير وتدخل الإدارة، وشاهد المواطنون المال يوزع لإفساد العملية الانتخابية بشكل علني في بعض المناطق.

كل هذه الأمور جعلت جزء من المغاربة يقاطعون الانتخابات، وبلغ مستوى المشاركة  درجات متدنية جدا.

هل هناك ضمانات قانونية للقطع من الممارسات الإفسادية السابقة؟ هل هناك إرادة سياسية عند الإدارة والأحزاب والمواطنين في جعل الانتخابات شفافة بدون تزوير أو إفساد؟

هذا هو التحدي الذي يواجهه المغرب اليوم، وهو تحدي تقف عنده كل خطوات المغرب الصاعد، مغرب المستقبل.