أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، جعل من محاربة الفساد ورشا استراتيجيا دائما، لا يرتبط بتقلبات الظرفية بل يتأسس على رؤية ومبادئ راسخة هي قوام دولة الحق والمؤسسات.
وقال عبد النباوي في معرض كلمته في افتتاح الأيام الدراسية التكوينية الموجهة لقضاة أقسام الجرائم المالية، والتي تنظمها مؤسسات السلطة القضائية بتعاون مع المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية، إن الجرائم المالية ليست مجرد خروقات قانونية فحسب، بل هي اعتداء على قيم المجتمع وثقته في مؤسساته، مبرزا أن مكافحة الفساد أعقد من أن تتمكن أي جهة بالقيام بها لوحدها، لأنها تستدعي تظافر جهود السلطات والمواطنين.
وشدد عبد النباوي على أن التوجيه الذي تضمنه الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش المجيد بتاريخ 30 يوليو 2016، يضع على عاتق جميع القضاة، مسؤولية تاريخية في جعل العدالة الجنائية رافعة للثقة العامة، وضمانة لسيادة القانون والمساءلة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وأضاف أن هذه المسؤولية دفعت المجلس الأعلى للسلطة القضائية ليضع من بين أولوياته الاستراتيجية تعزيز الكفاءة المتخصصة لقضاة الجرائم المالية، عبر التكوين المستمر، وتوحيد الرؤى القضائية، وتطوير منهجيات التحليل المالي والقانوني، واستثمار التكنولوجيا الحديثة في التتبع والتحقيق، موضحا أنه وقد تم سنة 2023، بمقتضى القرار التنظيمي رقم 16/23، إحداث بنية إدارية متخصصة داخل قطب القضاء الجنائي تُعنى بتتبع أداء أقسام الجرائم المالية وفق مؤشرات دقيقة للنجاعة والفعالية، بما يتيح قياس مردودية العمل القضائي وتحسينه باستمرار.
وفي السياق ذاته، أوضح المتحدث ذاته، أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بشراكة مع رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات، على توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بتاريخ 30 يونيو 2022، هدفها تعزيز التعاون المؤسساتي في مجال مكافحة الفساد في التدبير العمومي، وتأهيل الموارد البشرية، وتطوير آليات تبادل المعلومات والتحليل المالي، وهو نموذج رائد في التنسيق بين المؤسسات القضائية والرقابية بالمغرب.
وكشف المسؤول القضائي، أن المعطيات الواقعية تؤكد حجم الجهود المبذولة في هذا المجال؛ فخلال السنة القضائية المنصرمة، بلغ عدد القضايا المسجلة أمام أقسام الجرائم المالية ما مجموعه 436 قضية، في حين بلغ عدد المقررات القضائية الصادرة إلى غاية منتصف سنة 2025 249 حكماً، بنسبة إنجاز تجاوزت 71% داخل الآجال الاسترشادية، وهو رقم يعكس بوضوح دينامية هذه الأقسام وجودة أدائها، رغم تعقيد الملفات وتشابكها.
وأفاد أن المتابعات القضائية الصادرة في مجال الفساد المالي، أسفرت عن صدور أحكام سيفضي تنفيذها إلى استرجاع مبالغ هامة لفائدة الخزينة العامة، حتى يستفيد منها المواطنون وفي مقدمتهم دافعوا الضرائب.
وثمّن عبد النباوي، الجهود الجبارة التي يَبذلها المجلس الأعلى للحسابات في تدقيق الحسابات العمومية وإحالة التقارير ذات الصلة، كما نوه بجهود النيابة العامة في تتبع الدعوى العمومية في قضايا الفساد، مؤكدا أن القضاء المالي هو صمام الأمان في منظومة تخليق الحياة العامة، وأن ضمان كفاءته وفعاليته يشكلان مظهراً لنجاح الإصلاح القضائي الذي أراده جلالة الملك.